الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شطر ) * فيه أن سعدا رضي الله عنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بماله قال : لا ، قال : الشطر ، قال : لا ، قال : الثلث ، فقال : الثلث ، والثلث كثير الشطر : النصف ، ونصبه بفعل مضمر : أي أهب الشطر ، وكذلك الثلث .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة قيل هو أن يقول اق ، في اقتل ، كما قال عليه الصلاة والسلام كفى بالسيف شا يريد شاهدا .

                                                          ( س ) ومنه أنه رهن درعه بشطر من شعير قيل أراد نصف مكوك . وقيل أراد نصف وسق . يقال شطر وشطير ، مثل نصف ونصيف .

                                                          * ومنه الحديث الطهور شطر الإيمان لأن الإيمان يطهر نجاسة الباطن ، والطهور يطهر نجاسة الظاهر .

                                                          * ومنه حديث عائشة كان عندنا شطر من شعير .

                                                          ( هـ س ) وفي حديث مانع الزكاة إنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا قال الحربي : غلط [ بهز ] الراوي في لفظ الرواية ، وإنما هو وشطر ماله أي يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة ، فأما ما لا تلزمه فلا . وقال الخطابي في قول الحربي : لا أعرف هذا الوجه . وقيل معناه إن الحق مستوفى منه غير متروك [ ص: 474 ] عليه وإن تلف شطر ماله ، كرجل كان له ألف شاة مثلا فتلفت حتى لم يبق له إلا عشرون ، فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الألف وهو شطر ماله الباقي . وهذا أيضا بعيد ، لأنه قال : إنا آخذوها وشطر ماله ، ولم يقل إنا آخذوا شطر ماله . وقيل إنه كان في صدر الإسلام يقع بعض العقوبات في الأموال ، ثم نسخ ، كقوله في الثمر المعلق : من خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة . وكقوله في ضالة الإبل المكتومة :غرامتها ومثلها معها ، وكان عمر يحكم به ، فغرم حاطبا ضعف ثمن ناقة المزني لما سرقها رفيقه ونحروها . وله في الحديث نظائر . وقد أخذ أحمد بن حنبل بشيء من هذا وعمل به ، وقال الشافعي في القديم : من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه ، واستدل بهذا الحديث . وقال في الجديد : لا يؤخذ منه إلا الزكاة لا غير . وجعل هذا الحديث منسوخا . وقال : كان ذلك حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخت . ومذهب عامة الفقهاء أن لا واجب على متلف الشيء أكثر من مثله أو قيمته .

                                                          ( س ) وفي حديث الأحنف قال لعلي وقت التحكيم : يا أمير المؤمنين إني قد عجمت الرجل وحلبت أشطره ، فوجدته قريب القعر كليل المدية ، وإنك قد رميت بحجر الأرض الأشطر : جمع شطر وهو خلف الناقة . وللناقة أربعة أخلاف كل خلفين منها شطر ، وجعل الأشطر موضع الشطرين كما تجعل الحواجب موضع الحاجبين ، يقال حلب فلان الدهر أشطره : أي اختبر ضروبه من خيره وشره ، تشبيها بحلب جميع أخلاف الناقة ما كان منها حفلا وغير حفل ، ودارا وغير دار . وأراد بالرجلين الحكمين : الأول أبو موسى ، والثاني عمرو بن العاص .

                                                          ( هـ ) وفي حديث القاسم بن محمد لو أن رجلين شهدا على رجل بحق أحدهما شطير فإنه يحمل شهادة الآخر الشطير : الغريب ، وجمعه شطر . يعني لو شهد له قريب من أب أو ابن أو أخ ومعه أجنبي صححت شهادة الأجنبي شهادة القريب ، فجعل ذلك حملا له . ولعل هذا مذهب للقاسم ، وإلا فشهادة الأب والابن لا تقبل .

                                                          * ومنه حديث قتادة شهادة الأخ إذا كان معه شطير جازت شهادته وكذا هذا ، فإنه لا فرق بين شهادة الغريب مع الأخ أو القريب ، فإنها مقبولة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية