( باب النون مع الظاء )
( نظر ) ( س ) فيه معنى النظر هاهنا الاختيار والرحمة والعطف ; لأن النظر في الشاهد دليل المحبة ، وترك النظر دليل البغض والكراهة ، وميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقة ، والله يتقدس عن شبه المخلوقين ، فجعل نظره إلى ما هو السر واللب ، وهو القلب والعمل . والنظر يقع على الأجسام والمعاني ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر كان للمعاني . إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم
* ومنه الحديث أي خير الأمرين له ، إما إمساك المبيع أو رده ، أيهما كان خيرا له واختاره فعله . من ابتاع مصراة فهو بخير النظرين
وكذلك حديث القصاص يعني القصاص والدية ، أيهما اختار كان له . وكل هذه معان لا صور . من قتل له قتيل فهو بخير النظرين
( هـ ) وفي حديث - رضي الله عنه - " قال : عمران بن حصين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : النظر إلى وجه علي عبادة " قيل : معناه أن عليا - رضي الله عنه - كان إذا برز قال الناس : لا إله إلا الله ، ما أشرف هذا الفتى ! لا إله إلا الله ، ما أعلم هذا الفتى ! لا إله إلا الله ، ما أكرم هذا الفتى ! أي ما أتقى ، لا إله إلا الله ، ما أشجع هذا الفتى ! فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد .
( هـ ) وفيه " إن عبد الله أبا النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة تنظر وتعتاف ، فرأت في وجهه نورا ، فدعته إلى أن يستبضع منها وتعطيه مائة من الإبل ، فأبى " تنظر : أي تتكهن . وهو نظر تعلم وفراسة .
[ ص: 78 ] والمرأة كاظمة بنت مر . وكانت متهودة قد قرأت الكتب .
وقيل : هي أخت ورقة بن نوفل .
( هـ ) وفيه أي بها عين أصابتها من نظر الجن . وصبي منظور : أصابته العين . أنه رأى جارية بها سفعة ، فقال : إن بها نظرة فاسترقوا لها
وفي حديث ابن مسعود " النظائر : جمع نظيرة ، وهي المثل والشبه في الأشكال ، والأخلاق ، والأفعال ، والأقوال ، أراد اشتباه بعضها ببعض في الطول . " لقد عرفت النظائر التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم بها : عشرين سورة من المفصل
والنظير : المثل في كل شيء . وقد تكرر في الحديث .
( هـ ) وفي حديث " لا تناظر بكتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي لا تجعل لهما شبها ونظيرا ، فتدعهما وتأخذ به ، أو لا تجعلهما مثلا ، كقول القائل إذا جاء في الوقت الذي يريد : ( " الزهري ثم جئت على قدر ياموسى " وما أشبه ذلك مما يتمثل به ، والأول أشبه . يقال : ناظرت فلانا : أي صرت له نظيرا في المخاطبة . وناظرت فلانا بفلان : أي جلعته نظيرا له .
وفيه الإنظار : التأخير والإمهال . يقال : أنظرته أنظره ، واستنظرته ، إذا طلبت منه أن ينظرك . كنت أبايع الناس فكنت أنظر المعسر
وفي حديث أنس نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى كان شطر الليل يقال : نظرته وانتظرته ، إذا ارتقبت حضوره .
ومنه حديث الحج . فإني أنظركما
وحديث الأشعريين " " وقد تكرر ذكر " النظر ، والانتظار ، والإنظار " في الحديث . إن تنظروهم