الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا ترك امرأة حاملا لا ولد لها ، اختلف هل تعطى الآن ، فإن أسقطته أو ولدته ميتا أتم الربع ، فإن فيه تعجيل حق متيقن ، أو لا تعطى شيئا حتى تضع ؛ لأن القسمة فرع تيقن الشركة ، وكذلك إذا كانت حاملا ولها ولد ، قيل : لا تعطى هي ولا أولادها حتى تضع ، وقيل : تعطى الثمن ، والولد نصف الباقي ، لإمكان كون الحمل ذكرا ، وقيل : ثلثه لإمكان أن يكون غلامين ، وقيل : الربع لإمكان أن يكون ثلاثة ، وقيل : الخمس لإمكان أن يكونوا خمسة ، والنصف أحسن ؛ لأنه غالب .

                                                                                                                [ ص: 125 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : أوصى بدنانير من غلة داره ، أو خمسة أوسق من ثمره ، والثلث يحمل الدار والحائط ، فأخذ ذلك عاما ثم بار ذلك أعواما : له أخذ نصيبه كل عام ما بقي من غلة العام الأول شيء ، فإن لم يبق منه شيء أخذ ذلك للأعوام التي لم يأخذ فيها ؛ لأنه حق يتأخر له ، ولو أكريت الدار أول سنة بعشرة دنانير فضاعت إلا دينار فهو له ؛ لأن الوصية مقدمة على الميراث وكذلك الغلة ، ولو قال : من غلة كل سنة خمسة أوسق أو من كراء الدار كل سنة عشرة لم يأخذ من سنة عن سنة أخرى لم تغل ؛ لأن ( من ) للتبعيض ، فقد نص على بعض كل سنة هاهنا بخلاف الأولى . ولو أكريت بأقل من عشرة أو غلت أقل من خمسة أوسق لا يرجع بتمام ذلك في عام آخر . قال صاحب النكت : إذا مات الموصى له نصف السنة له نصف الوصية وكذلك الثلث وغيره على قدر موته ، وإذا أراد تعجيل عشرته وشاحه الورثة فينبغي أن يكون بحساب ما مضى من السنة ككراء الدور والدواب ، وإذا لم يحمل الثلث ولم يجيزوا دفعوا له ثلث الميت شائعا ؛ لأنه حق الميت ، ولو جعل ذلك له ولعقبه مؤبدا فهو كالوصية بالحائط للمساكين يقطع في الثلث ، وإن قال : ادفعوا لي بقية الثمرة في العام الأول لئلا يهلك النخل في العام الثاني نظر السلطان ، فإن كانت مأمونة لا تخاف أو غير مأمونة حبس قدر ما يخاف عليه من ذلك ، ويمتنع بيت السلطان لا يشترط على المشتري حق الموصى له وهو غرر ، فإن أوصى له بقدر معلوم لم يعينه في جهة جاز البيع إذا كان الورثة أملياء ثقاة وحملوا ذلك . قال ابن يونس : لو أكروها بالنقد فضاع إلا نصيبه أعطوه له ، ولو بقي عجلوا له نصيبه ، ولو انهدمت بعد ستة أشهر أخذه مما مضى ، ولو قال : من [ ص: 126 ] كل سنة دينار أو وسق فأكروها نصف سنة فله نصف دينار ؛ لأنه أوصى بدينار من السنة كلها ( وإن جاء الحائط بأقل لم يرجع به في عام آخر ) ولو أوصى بثلثه ولآخر بدرهم كل شهر من غلة عبده ولم يدع غيره ، قال محمد : يحاص الثلث بثلث قيمته والآخر بتعميره لكل شهر درهم ، فما أصابه وقف له بيد عدل ينفق عليه ، فإن مات قبل ذلك عاد لصاحب الثلث ، وإن فني وهو حي رجع على صاحب الثلث بما يرى أنه بقي له من عمره لو حوصص له بذلك ، وفي رجوعه خلاف ، ولو أوصى بخدمة عبده ولآخر بدرهم من غلة ذلك العبد كل شهر ، والعبد ثلث ، بدئ بصاحب الدرهم كمن أوصى بثلثه لرجل ، ولآخر بمائة من ثلثه ، فإن شاء المخدم أعطى الدرهم كل شهر وحاز الخدمة ، وإلا استؤجر العبد وبدئ بالدرهم من أجرته ، وكذلك لو أوصى بثمرة حائطه ولآخر بعشرة آصع من ثمرته كل سنة قدمت الآصع ، وما فضل للآخر ، فلو فضل أقل من عشرة أخذ التمام من العام المقبل . وعن ابن القاسم في الموصى له من غلة حائطه أو من عبده بدينار كل شهر حياته ، والثلث يحمل ذلك : إن ضمن له الورثة ذلك إلا وقف العبد والحائط ، وإن لم يحمل الثلث وقعت المحاصة بالتعمير في العبد على أقل العمرين للعبد أو الموصى له ، قال ابن القاسم : ولو أوصى بوصايا ولرجل بنفقته حياته من بقية الثلث ولم ينظر في ذلك حتى مات الموصى له بالنفقة ، فإن فضل من الثلث شيء أعطى منه ورثته قدر ما عاش بعد موت الموصي لاستحقاقه بالموت ، وكذلك لو لم يمت إنما تحسب له من يوم موت الموصي . قال ابن القاسم : لم يقل : [ ص: 127 ] ينفق عليه من بقية الثلث بل ينفق عليه حياته : حاصص ورثته أهل الوصايا في جميع الثلث بنفقته ما عاش بعد موت الموصي ، فإن أوصى بعشرين دينارا ولآخر بعشرة ولآخر بدينار كل شهر حياته فكان تعميره يقتضي ثلاثين ، والثلث أربعون : قال ابن نافع : يأخذ كل واحد ثلثي وصيته وينفق على صاحب النفقة ثلثا دينار كل شهر ، فإن مات قبل الأجل رجع الفاضل لأرباب الوصايا ، ولو أوصى بنفقة رجل عشر سنين فمات ، فالفاضل لورثة الموصي ، كما لو أوصى له حياته ، ولو أوصى لجماعة بنفقتهم ( حياتهم ، وجعل نفقتهم بيد عدل فإن مات بعضهم قبل أجل التعمير رجع الباقي لنفقتهم ) فإن ماتوا كلهم رجع الباقي لأهل الوصايا ، فإن استوفيت الوصايا فللورثة ، وإن نابهم نصف وصاياهم لم تنقص نفقتهم كل شهر . قال مالك : وكذلك لو أوصى بكل دينار كل شهر فوقع له نصف دينار ، لأن الميت قصد التوسعة عليه خلافا لابن نافع . قال مالك : لو أوصى لخمس أمهات أولاده بعطية كل سنة ، عشر لكل واحدة بعدد مسمى ، فمن ماتت رجع نصيبها للورثة دون صواحبها ؛ لأن التسمية لا يزاد عليها ، قال محمد : ولو لم يسم رجع لصواحبها كأنهم رجل واحد . قال ابن القاسم : لو وصى بمائة دينار تنفق على رجل منها كل سنة كذا وعليه دين فقال غرماؤه : عمروه لنأخذ الفضل ، لم يجابوا ؛ لأن الفضل لورثة الموصي ( ولو أوصى له بدينار كل شهر ينفق عليه فلهم أخذ الفضل عن نفقته ؛ لأنه ماله ، وقال عبد الملك في الموصي ) بالنفقة والخدمة والسكنى ففلس : إن كان الفضل بينا نحو خمسة دنانير في الشهر فهي وصية بالنفقة وبغيرها فلهم الفضل ، فإن سمى ما بين ضيق النفقة وسعتها فلا ، قال التونسي : لو أوصى بغلة ثلث حائطه لأوقفت الحائط إذ لا تختص الغلة بثلث معين ، وللورثة قسمة الحائط وإيقاف ثلثه كما لو أوصى له بثلثه ، وقيل : يوقف [ ص: 128 ] جميع الحائط ، وللموصى له بالخدمة حياته بيعها من الورثة لتخلص الرقبة لهم ، وتجوز إجارتهم له السنين والأمد المأمون دون العشر سنين ، وإن جازت إجارة العبد عشر سنين ؛ لأن الإجارة تبطل هاهنا بموت العبد وبموت المخدم ، بخلاف إجارة الرقيق تبطل بموته فقط فالغرر أكثر ، ولو أجرت عبدك بشرط : إن مت بطلت الإجارة وفسدت ، ومقتضى ذلك الفساد هاهنا في القليل لكنه استخف في المأمون من المدة ، أما إذا أوصى بخدمة عشر سنين ؛ لأن الإجارة لا تنتقض بموت غير العبد ، وإذا أوصى بثمرة حائطه جازت مصالحة الورثة على ذلك ، وتترك الوصية ، وإن كان بيعا مجهولا ؛ لأن الحياة مجهولة ؛ لأنه تخليص للرقاب ، فكأنهم اشتروا الرقاب لما كانوا ممنوعين منها ، فلو أوصى بثمرة سنة واحدة ولم يؤبر امتنع شراء الثمرة لتمكنهم من بيع الأصل ؛ لأن ابن القاسم يجوز في المساقاة بيع الحوائط بالمساقاة قبل التأبير ، وتبقى الثمرة ملكا لصاحبها ، وأما قول غيره : إنه يمتنع البيع إلا بعد إبار الثمرة سنة فيجوز لهم الشراء هاهنا لتعذر التصرف ، وإن أبرت وهي سنة واحدة فيمتنع على مذهب ابن القاسم القائل : إن شراء أصل فيه ثمرة بطعام ، لا تجوز إلا على الجذاذ . قال اللخمي : إذا أوصى بدينار من داره كل سنة وأكراها الميت سنة بالنقد ليس للموصى له من ذلك شيء لتعلق الوصية بما يكرى بعد ، وإن أكراها بغير النقد دخلت الوصية فيما يقبض من ذلك لتأخره بعد الوصية ، فإن أكراها الورثة كل شهر بدينار فله من كل دينار نصف سدسه ، ويسلم الباقي للورثة إن كانوا مأمونين ، وإلا أخرج الدينار ؛ لأن وقف بقيته ضرر على جميعهم ، وإن اختلفوا هل يكرى بالنقد أو مؤجلا ؟ حملا على العادة في تلك الدار ، فإن عدمت العادة أكريت مشاهرة ؛ لأن كراء جميع السنة يحبس ، فإن أكريت سنة فانهدمت بعد نصفها فله الديناران ، قال : يعطى من الغلة كل سنة دينارا أو نصفه إن قال : من غلة كل سنة دينار على مراعاة الألفاظ إلا أن [ ص: 129 ] يفهم عنه خلاف ذلك ، فإن مات الموصى له بعد شهر فله نصف سدس دينار ، أو مات وفي الحائط ثمر مزه فليس للموصى له منه شيء ، بل المزهي للورثة كالبيع .

                                                                                                                قال ابن القاسم : إن أوصى بدينار من غلة داره أو حائطه لرجل حياته : إن ضمن الورثة له ذلك وإلا وقف الحائط ، أو بآصع ليس له ضمان ذلك إلا أن يرضى ؛ لأن الوصية بالثمار كالسلعة المعينة ليس لهم بدلها بغيرها بخلاف الدينار لا تختلف فيه الأغراض ، ولو علم أن قصد الموصي الحفظ عليه من التلف إن أخذه جملة لم يجز رضاه ، وعليهم غرم الوصية كل سنة . قال محمد : إن انهدمت في حياة الموصي وهي تخرج من الثلث ، فما بين القيمتين ميراث ، والوصية على حالها في القاعة ، وإن هدمها أحد بعد الموت غرم ذلك وبنيت له والوصية على حالها ، وكذلك لو قطع نخل الحائط ، لأن الأصل : بقاء حقه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أعمرك أو أخدمك أو أسكنك أو أعطاك ثمرة حائطه جاز شراؤه منك كله هو أو ورثته ، ويصالحوك على مال ولو لم يتم النخل ؛ لأنه تخليص للرقاب ؛ ولأن أصله معروف ، وإن أوصى لك حياته جاز للورثة بنقد أو دين كشراء العرية بخرصها ، ولو صالحوك على مال ثم مات العبد وأنت حي لا يرجعون عليك لدخولك لهم على الغرر ، ويمتنع بيع هذه الخدمة من أجنبي ؛ لأنه غرر سوغ لضرورة تخليص الرقبة للتصرف فيها ، وهو منفي في حق الأجنبي ، ولك إعارة ما أوصى به لك من السكنى وإخدام العبد إلا أن يعلم أنه أراد الحضانة والكفالة ؛ لأنه حينئذ ملكك أن تنتفع لا المنفعة كتمليك الشرع المكلف أن ينتفع بالمسجد والمدرسة وقارعة الطريق ، وليس لك [ ص: 130 ] المعاوضة على شيء من ذلك ، ولو مت قبل الأجل عتق العبد إن جعل حرا بعد الأجل إلا أن يكون من عبيد الخدمة ، أو ممن أريد به الخدمة ، فإنه يخدم الورثة بقية الأجل ؛ لأنه بقية حقه يورث عنك ، وإن قال الموصي : اخدم ابني فإذا تزوج فأنت حر ، فبلغ النكاح موسرا عتق ؛ لأنه أراد بلوغ أمده والإعانة مدة الضعف . قال صاحب النكت : قال جماعة من الشيوخ : لو بلغ الابن معسرا لم يعتق حتى يكون له مال يتزوج في مثله ، لأن المقصود رفع كلفة الخدمة . قال ابن يونس : إذا أوصى بغلة داره أو جنانه للمساكين ولم يحمل الثلث الدار أو الجنان : قال أشهب : يخرج منها محمل الثلث ولا يخير الورثة فيها ؛ لأنه لا يرجى مرجعه للورثة ، ولو كان على أقوام بأعيانهم ولم يحمله الثلث ولم يجيزوا : قطع لهم بثلث التركة بتلا ؛ لأن المرجع للورثة إذا هلكوا ، ولو أوصى للمساكين بعدة أوسق من بستانه ، أو عدة دنانير من داره كل عام : فهذا يخير فيه الورثة بين الإجازة أو القطع بالثلث بتلا . قال اللخمي : أشهر قولي مالك : إن للموصى له شراء الرقبة ليتصرف فيها بالبيع . وعنه : المنع . قال سحنون : لا يجوز من ذلك إلا للضرورة ( من فلس ونحوه ؛ لأنه شراء عين لم يبق فيها منفعة . قال : وكذلك أرى في شراء الورثة الخدمة لا يجوز إلا للضرورة ) ويجوز على قول مالك شراء بعض الورثة نصيبه من الخدمة دون نصيب شريكه إلا أن يشتري جميع الخدمة للسنة والسنتين ، كما يجوز للأجنبي ، فإن هلك العبد قبل الأجل رجع بقية الإجارة فلو كانت الوصية بالخدمة عشر سنين جاز أن يشترطوا تلك المدة . وإن هلك ( العبد قبلها رجعوا عليه بالبقية إلا أن يكون قصدهم بالشراء التحلل في الرقاب ؛ لأن الثمن لهذا العرض ، وإذا [ ص: 131 ] كانت خدمة العبد موفية ) جاز بيعها ما لم يبعد الأجل ، وأجاز ابن القاسم إذا كان الأجل عشر سنين أن يكريه بالنقد فيها ؛ لأنه إذا مات المخدم قبل العشر خدم الورثة بقية الأجل ، ومنعه ابن نافع ؛ لأن العبد عنده بعد الموت يرجع لسيده ، وإن أخدمه حياة المخدم أجره الأمد القريب ؛ لأن الغرر من حياة العبد وحياة المخدم ، وإن كانت الخدمة بحياة العبد جاز على أصل ابن القاسم أجازه عشر سنين ؛ لأن الغرر من وجه واحد موت العبد ، كما لو أجر عبد نفسه . وقال في الدار الموصى له بسكناها : لا يكريها إلا الأمد القريب نحو السنتين ، وكره ابن ميسر لأربع . قال : ولو كرهت هذه لكرهت إجارة عبده سنتين ؛ لأن الغرر في الدار من جهة واحدة ؛ لأنها مأمونة ، ويجوز النقد للأمان ، ويجوز في الدار والعبد العشر سنين بغير نقد على القولين ، وأجاز ابن القاسم للموصى له أن يؤاجر العبد وهو من عبيد الحضانة إن لم يحتج للحضانة ، فإن احتاج منعه ، وجوزه أشهب في مثل تلك الحضانة ؛ لأنه تمليك للمنفعة . قال : والأول أحسن ؛ لأن الموصي بمثل تلك يكره إجارة عبده . قال : وكذلك ( أرى الذي يوصي بخدمة عبده فلانا أو يخدمه إياه من غير وصية أجلا معلوما وكذلك ) إذنه في ركوبه وسكنى داره وقاله ابن نافع . وإذا مات العبد في أثناء المدة لا يبقى للورثة شيء ؛ لأنه ملكه أن ينتفع دون المنفعة ، وكذلك الرجل يسكن داره صهره سنة فيطلق ابنته في بعضها أو يموت ، وإذا ضرب أجلا للثمرة فانقضى وقتها مدة لم تؤبر فلورثته ، أو أزهت فللموصى له ؛ لأنها كملت [ ص: 132 ] في أجله ، واختلف إذا أبرت هل للورثة أم للموصى له ؟ لأنها حالة متوسطة بين البداية والنهاية . قال : وأن لا شيء لهم أحسن ، إلا أن تزهى ، فإن كانت الوصية بما تلده أمته فانقضى الأجل وهي حامل : فلورثته ؛ لأنه أوصى بما تلده في تلك السنة ، وهذا ولد في غيرها . قال محمد : إن أوصى بثمرة حائطه الآن لرجل ، والمستقبلة لآخر والحائط لا يخرج من الثلث إن أبرت قومت ثم قومت المستقبلة إلى حياة الموصى له ، فإن استوت القيمتان فلصاحب المأبورة شطر ثلث الميت في عين الثمرة ، وللآخر الشطر شائعا في جملة التركة ، فإن لم تؤبر فلهما ثلث مال الميت على قدر وصاياهما .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : أوصى برقبة بستانه أو أمته فأثمر البستان أو ولدت الأمة قبل موت الموصي والثلث يحمل البستان والثمرة والأمة وولدها ، والثمرة والولد للورثة ؛ لأن الوصية إنما تستحق بعد موت الموصي ، وكذلك إذا أبرت النخل أو لقحت الشجر قبل الموت ، وما أثمرت به بعد الموت قبل النظر في الثلث فللموصى له لتقدم سبب الاستحقاق . ولا تقوم الثمرة مع الأصل بعد الموت بخلاف الولادة وشبهها ، والثمرة كالغلة والخراج ، والولادة كالأجزاء ، ولا يقوم ما أفاد المؤبر والموصى بعتقه والموصى به لرجل بعد الموت قبل النظر في الثلث لحدوثها بعد سبب الاستحقاق ، بخلاف أموالهم التي مات السيد عنها بأيديهم ، أو نما من ربحها بعد موته ، وليس لهم التجر فيه بعد موته فإن فعلوا فالربح كرأس المال ، ولا يقوم مع المبتل في المرض ما أفاد بعد عتقه قبل موت السيد أو بعد موته بل هي [ ص: 133 ] فوائد لهم ، والموصى له بالعبد إن حمل الثلث رقابهم ، وإن حمل بعضها وقف المال بأيديهم . قال صاحب النكت : إذا اكتسب الموصى بعتقه مالا قبل الموت ومالا بعده لسيده ، قوم ما هو قبل على القولين ، ولا يقوم ما بعد على القول الواحد إذا حمله الثلث ؛ لأنه ظهرت حريته من حين الموت ، ومال الحر له ، فإن لم يحمله الثلث قوم ؛ لأنه موقوف بيده وقد وجب الشركة فيه . قال التونسي : العبد للموصى به لرجل لا يتبعه العبد في الصحة والبيع ، وقيل : يتبعه كالعتق ، وما أغلت النخل بعد موت الموصي ، أو اكتسبه العبد الموصى بعتقه بعد الموت ، أو الموصى به لرجل ، والمدبر أو المبتل قبل الموت وإن وهب ففي ذلك خلاف ، قيل : تقوم الأصول بغير غلات لحدوثها بعد الموت . فإن خرجت تبعها الغلات ، وقيل بغلتها وهو أشبه قياسا على نماء العبد بعد الموت ، وولد الأمة لم يختلف فيهما كأعضائهما ، وإذا قومت الأصول وحدها فخرجت من الثلث وتبعتها الغلات وقد أنفق عليها من مال السيد إلى أن نمت ، أنظر هل يرجع على الموصى له لعدم نفع الميت ؛ لأنها خرجت من الثلث ؟ فإن لم تخرج من الثلث نصفه هل يرجع عليه بنصف النفقة ؟ ولو مات الموصى به لرجل وترك مالا قوم ماله على القول بأنه يتبعه ، فإن خرج من الثلث أخذه الموصى له ، وفي كتاب محمد : إنما اكتسبه لورثته إذا مات ، ولم تكن أموالا مأمونة ، ولو جني على عبده فأخذ أرشا فهو لورثة سيده ، أو قتل فقيمته لورثته ، كما لو أوصى بعتقه لعدم تمام الحرية فيه . قال اللخمي : النفقة على الغلات من مال الميت ، وعلى عدم تقويمها فنفقتها على الموصى له ، وولد العبد والأمة يدخل في الوصية قولا واحدا إن حدث الحمل بعد الموت اتفاقا ، فإن حدث الحمل في الحياة والولادة بعد الوفاة : فولد الأمة للموصى له ، وولد العبد من أمته للورثة أوصي بعتقهما أو لفلان ، والجناية في حياة السيد للورثة يكثر بها مال الميت ، وكذلك إذا كانت بعد موته وقد وصى بعتقه ؛ لأنه جني عليه وهو عبد . فإن قال : إن مت فهو حر عتق بنفس ، والجناية عليه جناية حر له ولورثته . وقال محمد : الموصى به لرجل حياته لورثة السيد كالموصى بعتقه ، وعلى قول ابن القاسم : للموصى له ؛ لأن الميت أخرجه عن الورثة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية