الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجلاب : أوصى بمائة ، ولآخر بخمسين ، ولآخر بمثل إحدى الوصيتين : [ ص: 67 ] روي عن مالك : نصف الأولى ونصف الآخرة لعدم الاختصاص ، وروي : مثل الآخرة ترجيحا للقرب ، وقال أشهب : مثل أقلهما ؛ لأنه المتيقن .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب المنتقى : قال ابن وهب : لفلان ولفلان عشرة ولا ينقص صاحب الثلث شيئا : فله الثلث لتعذر ما عداه : وكذلك لفلان عشرة ولفلان ثلثي : ولا ينقص صاحب العشرة شيئا ، والثلث عشرة يأخذها صاحب العشرة فقط ، ويستوي في ذلك التقديم في اللفظ والتأخير .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال أصبغ : لفلان عبدي سعيد ، أو بدر : يتخير الورثة في أيهما يعطى . كما لو قال : له دينار أو دابة ؛ لأن ( أو ) للتخيير .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : ترك أخاه وجده وعمه وأوصى بثلثه لأقاربه والأقرب فالأقرب : قال ابن القاسم : يبدأ بأخيه فيعطى أكثر من الجد ؛ لأنه يدلي بالبنوة وهي أقرب من الأبوة ، ثم يعطى الجد أكثر من العم ؛ لأنه يدلي بالجد فيقدم الجد عليه ، ولا يخصص الأخ بالدفع لقوله : لأقاربي ، فهذا طريق الجمع بين العبارة الأولى والأخيرة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : أوصى له بمثل نصيب بنيه ، وهم ثلاثة فله الثلث ؛ لأنه المثل ، أو مثل نصيب أحد ورثتي ، وهم رجال ونساء ، قسم على عدد رءوسهم وله مثل أحدهم إذ ليس الذكر أولى من الأنثى قال اللخمي : قال ابن أبي أنيس : إن كانوا [ ص: 68 ] ثلاثة ؛ لأنه جعله ولدا من أولاده فيكونوا أربعة ، ولو قال : أنزلوه منزلة أحد ولدي ، أو اجعلوه كأحدهم فالربع اتفاقا ، وكذلك إن قال : له نصيب أحد ولدي ولم يقل مثله ، وقال عبد الملك : إذا كانوا ذكورا وإناثا له نصف نصيب ذكر ، ونصف نصيب أنثى كالخنثى ، وعلى قوله : إذا أوصى بنصيب أحد ورثته وهم عشرة بنين ، وزوجات ، وأبوان ، يعطى ربع نصيب ذكر ، وربع نصيب أنثى ، وربع نصيب زوجة ، وربع نصيب أحد الأبوين ، وفي الجواهر : هو وارث مع ولدي ، أو مع عدد ولدي ، وألحقوه بولدي ، أو بميراثي ، أو ورثوه في مالي ، أو يقول في ابن مات أبوه : ورثوه مكان أبيه ، هو في هذا كله رابع إن كانوا ثلاثة ، ولو كان له ثلاثة ذكور وثلاث إناث فهو رابع الذكور ، ولو كانت الوصية لأنثى فهي رابعة الإناث ، قال صاحب البيان قال مالك : إذا أوصى بنصيب أحد أولاده فمات بعضهم اعتبر مثل نصيب أحدهم يوم يموت أحدهم ؛ لأنه أوصى له بجزء معلوم ، وجعل نصيب الولد تقديرا له ، وقالابن نافع : فيعتبر يوم الموت لا يوم الوصية ؛ لأن الوصايا إنما تعتبر يوم الموت ، قال ابن كنانة : الأمر كذلك إن علم الموصي التعبير ، وإلا فيوم الوصية ، قال شارح الجلاب : سواء يموت بعضهم أو يتوالد بعض ، يعتبر نصيب أحدهم يوم يموت الموصي ، وإن لم يبق إلا واحد رجع الثلث وإن لم يجز الورثة . فإن أوصى بذلك ومات ولم يولد له : قال ابن القاسم : لا شيء ، قال صاحب المنتقى : إذا أوصى بسهم أو نصيب ولم يعينه : قال محمد : هو سهم مما انقسمت عليه الفريضة من عدد السهام ، قلت أو كثرت . وقال ابن عبد الحكم : الثمن ؛ لأنه يعقل الفرائض ، وقيل : سهم من سهام الفريضة إن كانت تنقسم من ستة فأقل ما لم يتجاوز الثلث فيرد إلى الثلث وإذا لم يجز الورثة ، ولا ينقص من السدس ، واختاره محمد ، وعليه جماعة الأصحاب ، وعند ابن عبد الحكم : يسهم مما يقسم على الفريضة . قلت السهام أو كثرت . وقال ( ش ) ما [ ص: 69 ] يختاره الورثة . وقال ( ح ) : أقل سهام الورثة إلا أن يزيد على السدس فيعطاه ، وإذا قلنا : يسهم مما تنقسم عليه الفريضة وكان أصلها ستة وتعول إلى عشرة . قال ابن القاسم : له سهم من عشرة ؛ لأنه أقل سهام الفريضة . قال الطرطوشي : من أصحابنا من قال : يعطى شيئا يقع عليه سهم أو حظ أو نصيب إذا أوصى له بأحد هذه الألفاظ . وقاله القاضي أبو الحسن إلا في نحو الدرهم ، بل على حسب قلة التركة وكثرتها ، وقال ( ش ) ما يقع عليه ذلك الاسم وإن قل ، وقاله ( ح ) : نصيب أحد الورثة ما لم ينقص من السدس ، ومنشأ الخلاف : أن السهم مجهول يقع على القليل والكثير ، أو هو مقدر بما تقدم في حكاية المذاهب ، والأول الصحيح ؛ لأنه يقال : سهم من اثنين ومن عشرة ومن ألف ، وليس تحديده بمقدار أولى من خلافه ، والأصل : أن لا يخرج من مال الميت إلا ما يتيقن . احتج ( ح ) ( بأن رجلا جعل لرجل سهما من ماله على عهده - عليه السلام - فجعل له السدس ) . وجوابه : منع الصحة ، فلو قال : أعطوه ضعف نصيب ابني . قال أصحابنا : يعطى مثل نصيب الابن ، وقال ( ح ) و ( ش ) : يعطى مثله مرتين إن كان نصيب الابن مائة أعطي مائتين ، واختاره القاضي أبو الحسن منا ، لنا : قول الخليل : ضعف الشيء مثله ، وضعفاه مثلاه ، وقال المفسرون في قوله تعالى : ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) أي : تعذب ثلاثة أمثال عذاب غيرها : وقيل : مثلين ؛ ولأنه لو أوصى بضعفي نصيب ابنه فعندنا يعطى مثليه ، وعندهم ثلاثة أمثاله مع أنه لفظ نفسه فيلزمهم مخالفة ظاهر اللفظ احتجوا بأن أصل الكلمة التضعيف والزيادة ؛ لقوله تعالى : ( فأولئك لهم جزاء الضعف ) والضعف أكثر من الواحد ، وتقول العرب : أضعفت الثوب إذا طويته [ ص: 70 ] طاقتين ، والورد المضاعف والنرجس . أي : كل ورقة ورقتين . وأضعف العطاء أي : مثله مرتين ، والأصل : عدم الترادف بين المثل والضعف . والجواب : أن مقتضى هذه النقول أن يكون الضعف مشتركا بين المثل والمثلين ؛ لأنه اسم يقتضي الإضافة ، لا يقال : ضعف إلا مع غيره ، نحو لفظ ( ثاني ) يقتضي أولا ، ومثل يقتضي مثلا آخر ، وزوج يقتضي فردا آخر معه ، ثم إذا ازدوج اثنان قيل لكل واحد منهما : زوج ، ولهما جميعا : زوج وزوجان أيضا ، فبطل قولهم ، أو نقول : مقتضى نقلنا ونقلكم أن يكون اللفظ مشتركا ، والأصل : عصمة المال إلا في المتيقن .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية