الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في المنتقى : أوصى أن يشترى عبد بثلاثين فيعتق عنه ففعل واستحق نصفه ، خير المستحق بين إجازة البيع وأخذ نصف الثمن ؛ لأنه بيع فضولي ، أو أخذ النصف فيقوم على الوصي في ماله دون الورثة لإتلافه ذلك خطأ ، وهو في الإتلاف كالعمد ، وقال أصبغ : بل على الورثة في ثلث الميت نظرا لأصل الإذن ، وإذا قوم على الموصي وفيه فضل رد على الورثة ؛ لأنه من نماء التركة أو نقصان فعليه ؛ لأنه بإتلافه ، كما أنه إذا لم يجد البائع فالمصيبة منه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : أوصى بوصايا أو بنفقة رجل عمره فلم ينفذ ذلك حتى مات الموصى له بالنفقة . حاص ورثته أرباب الوصايا بقدر ما عاش ؛ لأنه استحقه .

                                                                                                                [ ص: 150 ] فرع

                                                                                                                قال ابن القاسم : إذا قال : رقيقي أحرار ، فوجدوا الثلث فأعتقوا ، ثم طرأ دين وقد قسم المال فثلثه على العبيد يقرع بينهم فيباع الثلث للدين والثلثان على الورثة كانوا أملياء أم لا ؛ لأخذهم مصرف الدين وهو التركة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : شهد شاهدان أنه قال : إن مت من مرضي فغلامي سعيد حر ، وأنه مات في مرضه ، وشهد آخران : إن صححت من مرضي فبدر حر ، وأنه صح في مرضه يعتق نصف كل واحد منهما ؛ لتكافؤ البينتين كما لو ترك ولدا نصرانيا وولدا مسلما ، وشهدت بينة أنه مات نصرانيا وشهدت أخرى أنه مات مسلما يقتسمان المال ، ولو كانت إحداهما أعدل قدم عبدهما ، وقال أصبغ : تقدم بينة الصحة لإثبات ما لم تعلمه الأخرى ، كما لو حضر البينتان موت المتنازع في إسلامه فشهدا بذلك ، ولم يعرف أكان قبل ذلك مسلما أم لا حكم بأعدلهما ، ولو علم أن أصله كافر فقالت الأخرى : إنه أسلم ونفت الأخرى قدمت الأولى ؛ لإطلاعها على ما جهلته الأخرى .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الاستذكار : إذا أوصى بشيء بعينه فادعى الورثة أنه أكثر من الثلث : قال مالك وأصحابه : يخيرون بين دفعه أو دفع جميع ثلث الميت ؛ لأنه مرجع الوصايا ، وخالفه الأئمة ؛ لأن الوصية ملكته ذلك بالموت فيفتقر أخذه منه للمعاوضة عليه ويمتنع أخذه بغير رضاه ، وجوابهم : لا نسلم أن الوصايا تنفذ من غير الثلث ولا يتقرر ملك في غيره . قال : وأرى أن يلزم الورثة تحقيق دعواهم فإن تحققت فهم شركاء معهم في تلك العين ؛ لأن التعيين يوجب تعلق الحق به وإلا خيروا ، وهذه [ ص: 151 ] المسألة تعرف بخلع الثلث . قال الطرطوشي : فلو كان له الثلث فأقل فقال الورثة : لا نعطيه ؛ لأنه ثلث الجميع ، وقد يعطب بعض المال قبل جمعه فيفوز بالعين دوننا خيروا أيضا ، وإن كانت التركة كلها حاضرة عروضا وأوصى بدنانير : قال ابن القاسم : لا يخيروا بل تباع العروض ويعطى ، ولو ترك مائة دينار وعروضا وأوصى بمائة عجلت قبل البيع . قال أشهب : كانت الدنانير معينة أم لا ، وعن ابن القاسم : إذا لم يترك إلا ثلاثة دور وأرضا وأوصى بخمسة دنانير يعطوه إياها وثلث الميت ، ولا يبيع السلطان من الدور بخمسة دنانير ، وإذا أوصى بمعين أكثر من الثلث فاختيار ابن القاسم : يقطع له بثلث الميت في ذلك المعين ، وعن مالك : ثلث الميت ، وقال ( ش ) و ( ح ) : إنما له ثلث ذلك الشيء وهو شريك بقيمة ثلثه من التركة ؛ لأن للميت أن يوصي بالثلث شائعا وأن يعينه وينقل حق الورثة من ذلك إلى غيره من الأعيان ، ويسقط حقهم من الأعيان ببيعها بثمن المثل فلم يغير وصيته فتنفذ ؛ ولأنه لو أعطى ثلث الميت لظلم ؛ لأنه غير ما وصى له به ؛ ولأن خلاف ذلك يؤدي للربا ، فإنه إذا أوصى له بمائة معينة فإنه يستحق ثلثها ، فإذا أخذه ومعه أكثر منه صار ربا .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أنا نمنع أن له أن يعين الثلث في شيء بعينه إلا بإذنهم ، قاله عبد الوهاب ، فحقه شائع ليس في شيء بعينه ، وإذا عين ما قيمته أقل من الثلث فإنما ترك بعض حقه من الثلث ليسلم له التعيين ، فإذا لم يسلم رجع إلى ما كان من الثلث وهو لم يرد غير هذا المعين ففي إعطائه القيمة من غيرها تبديل للوصية ، وأما دفع الثلث فأدى إليه منع الورثة ما أوصى به فلو لم يعط ذلك لم يبق له شيء ، وعن الثاني : إنكم ظلمتموه بإعطائه القيمة عن الثلثين من بقية التركة ، وهو غير الموصى به ، أو نقول : الموصي تعدى في تعيين [ ص: 152 ] ما هو أكثر من الثلث فيرد في تعديه إلى الثلث كما لو تعدى بالزيادة على الثلث وبقي العدوان ليس ظلما . وعن الثالث : إن الربا بأخذ شيء ودفع أكثر منه ، والموصى له وجب له أخذ الأمرين ، والخيار للورثة عليه فيهما كسيد العبد الجاني يخير بين إسلامه والجناية ، وليس ربا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية