الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال صاحب المنتقى : لا يمين على الموصى له إن الوصية ليست على وجه التوليج ، ووجه ذلك أنها يمين تهمة ، وإذا صرف الوصية للوارث جاز للوارث أخذها ؛ لأنها هبة منه ، قاله أصبغ سواء كان الموصى له غنيا يظن أن الوصية تمسه أم لا ؛ لأن الوصية تكون للفقير والغني .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : إذا أوصى لأم ولده وله منها ولد صح ولا تكون وصية لولده وقصدا منه لغناه ؛ لأنه قد يموت فيرثه ، وكذلك إذا أوصت لابن زوجها من غيرها ، ولا يرد الوصايا سوء الظن ، وقال أصبغ : وكذلك وصيته لولده ولد وأبوه حي وارث ، ولا يحلف : ما وصى في هذه المسائل للوارث .

                                                                                                                قاله أصبغ ، قال : ويجري فيها الخلاف في عين التهم ، ولو حقق وارث عليه الدعوى حلف قولا واحدا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : إن أوصت لزوجها وقد طلقها : إن علمت بذلك جاز ، [ ص: 28 ] وإلا فلا ؛ لأنها ظنت أنه وارثها ، أجازها أشهب مطلقا نظرا لظاهر الوصية ؛ ولأن القصد النفوذ وهو الأصل من العقلاء .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : إذا أوصى لوارث فحجب عن ميراثه ، أو لغير وارث فصار وارثا فالاعتبار بالمآل ، إن كان الموصي عالما بتغير حال الوارث ؛ لأن الوصايا إنما تعتبر عند الموت ، فإن لم يعلم صحت عند أشهب دون ابن القاسم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال الطرطوشي : إذا أوصى لقاتل بعد جرحه عمدا أو خطأ وعلم أنه الجاني أم لا ، يصح في الخطأ في المال والدية ، وفي العمد في المال دون الدية ؛ لأنها في العمد غير معلومة له ، والوصية تختص بالمعلوم ، فلو تأخرت الجناية العمد عن الوصية بطلت في المال والدية معاقبة له بنقيض قصده ، وإن تأخرت الجناية الخطأ فالوصية في المال دون الدية ، وقال ( ح ) : لا تصح الوصية للقاتل عمدا ولا خطأ ، وعند ( ش ) قولان ، لنا : قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) وإبطال الوصية تبديل ، وقياسا على غيره ، ونقل ملك فينعقد سببه للقاتل كالبيع والهبة ، واحتجوا بقوله عليه السلام : ( لا وصية للقاتل ) ؛ لأن الوصية تتعلق بالموت فيمنعها القتل كالميراث ، وبه يظهر الفرق بينهما وبين البيع والهبة ؛ لأنهما لا يتعلقان بالموت ؛ ولأن الموصى له شريك الوارث ؛ لأنهما نصيبهما يزيدان بزيادة المال وينقصان بنقصانه ، فيكون كالميراث في منع القتل [ ص: 29 ] إياه . والجواب عن الأول : أنه غير معروف . سلمنا صحته لكنه محمول على الوصية الشرعية وهي الميراث وهو يسمى وصية ؛ لقوله تعالى : ( يوصيكم الله في أولادكم ) صونا للآية عن التخصيص .

                                                                                                                وعن الثاني : الفرق بين القتل العمد والميراث ، أما الخطأ فلا يمنع ، عنده أن الكفر والرق يمنعان الميراث دون الوصية فالميراث أقوى ؛ ولأنه بالقتل مستعجل للميراث بخلاف الوصية فعوقب بنقيض قصده ؛ ولأن الميراث ملك ضروري فلو أثبتناه للقاتل صار مكتسبا . وهو الجواب عن الثالث .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية