الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                القسم الثاني : في الطوارئ ، وهي خمسة بعد القسمة وهي : الطارئ الأول : الاستحقاق ، وفي الكتاب : ( إذا وجد بنصيبه عيبا وهو وجهه أو أكثره رد الجميع كالعبيد في البيع ) وإذا استحق اليسير كبيت من دار عظيمة رجع بحصته في الثمن في البيع والقسم ، ولزم الباقي ، أو الكثير رد الجميع نفيا للضرر ، قال صاحب التنبيهات : جاءت الألفاظ مشكلة في العيب والاستحقاق ، فقيل : مردودة إلى جادة المذهب ، وقيل : أقوال مختلفة ، وقيل : اختلفت لاختلاف الأسئلة ، وقيل : أغلاط وأوهام وقعت في الكتاب لأن سحنونا لم يصلح كتاب القسم بل تركه على أسئلة أسد بن الفرات ، وقيل : مذهبه في الاستحقاق والعيب في القسم لا ينتقض غير مذهبه في البيع ينتقض ، فمن ذلك قوله : اقتسما عبدين أخذ كل واحد منهما واحدا فاستحق نصف أحد العبدين ، قال : يرجع صاحبه على الآخر بربع العبد الذي في يديه أو بقيمته إن فات ; لأنه [ ص: 236 ] ثمن ما استحق من العبد الذي في يديه من نصيب صاحبه ; لأنه كان لكل واحد من كل عبد نصفه ، فلما استحق يقسم هذا الاستحقاق على النصف الذي كان لك ، وعلى النصف الذي اشتريت من صاحبك فيكون نصف النصف الذي يستحق من نصيبك ونصف النصف من صاحبك وهو الربع فرجع به فلم يفسخ القسم والمستحق نصف حصته وهو كثير على أصله ، قيل : إنما قال ذلك وإن كان يفسخ بالنصف لأن المردود الربع هاهنا ، وهو من جملة صفقة القسم فهو قليل ، وبالحقيقة : الربع هاهنا نصف المعارضة ، ومن ذلك قوله : اشترى عبدا فباع نصفه فاستحق ربعه ، يخير المبتاع الثاني بين الرد ويرجع المشتري الأول على بائعه بما استحق عليه مما اشترى وهو ثمن الربع ; لأن الربع المستحق منهما ، ويرجع المشتري الأول أيضا ويكون مخيرا فجعلهما يرجعان وكل واحد منهما إنما استحق مما في يديه الأقل ; لأن المشتري الثاني إنما استحق منه الثمن ، والأول كذلك ، إن لم يرجع عليه ، والربع إن رده عليه ، فهو خلاف قوله أولا هنا على أصله في استحقاق العبد : أنه مخير بين رد اليسير نفيا لضرر الشركة ، فقد فرق في استحقاق اليسير من العبد المشترى أن له الرد لضرر الشركة ، وبين مسألة القسم وذكر أنه إن رد في القسم رجع على الشركة ، فقيل : اختلاف لمسألة العبدين إذ لم يجعل له الرد ، وقيل بل الفرق : أن العبدين إنما الشركة بين المتقاسمين في كل وجه ، وفي مسألة مشتري النصف معهم شريك ثالث وهو البائع الأول ، فزاد الضرر وقسمت خدمة العبدين ثلاثة ، وقيل بل لمزيد الضرر ; لأنه استحق منه نصف صفته وهو كثير كطعام استحق نصفه بخلاف العبدين ، قال : وهو غلط ; لأن المشتري للنصف إنما استحق منه ربع صفقته كمسألة العبدين ، وأما الدار أو الدور يستحق بعضها فلم يختلف قوله : إن في استحقاق اليسير يرجع بحصته من [ ص: 237 ] الثمن ذهبا أو فضة لا فيما بيده إلا على ما ذكره فضل : أنه يرجع بيسير في الثمن ولم يختلف قوله : إن القسم لا ينتقض ، واختلف قوله في صفة الرجوع ، فقال مرة : يرجع بقيمة نصف المستحق من يده ، وقال مرة : قيمة نصف مثل ذلك الجزء مما بيده ، وهو أصل مذهبه ، وهو عدل ، وقال أشهب : يرجع في العيب باليسير مما بيده شريكا ، وقال عبد الملك : ينتقض قسم السهام باستحقاق اليسير ; فإن استحق من الدار والدور ما فيه ضرر وليس بالجل ، اضطرب جوابه ، فقال مرة : إن اقتسما دارا فأخذ أحدهما ربعها من مقدمها فاستحق نصفها بيده رجع بربع قيمة ما بيده ; فإن استحق نصف ما بيده الآخر وهو الثلاثة الأرباع فكذلك ، وصرح بأن استحقاق النصف لا ينتقض القسم ، وأنه في حيز اليسير ، ثم قال بأثر المسألة : لا ينتقض القسم باليسير إنما ينتقض بالجل ، وقال ابن القاسم : ينتقض بالثلث ، وجعله كثيرا ، فقيل : رجوع عما تقدم ، وقيل : لا ، والثلث والنصف كثير ، وفرق ابن لبابة بين الدار والدور ، فلا يراعى في الدور الكثيرة إلا الجل ، وجعله مذهب الكتاب وسوى غيره ، وقال ابن أبي زيد : مذهب الكتاب : لا ينتقض القسم إلا بالجل من النصيب أو ما فيه ضرر ، بخلاف البيع ، وقوله : يرد القسم إلا أن يفوت ما بيد صاحبه ببيع أو هدم ، وذكر البناء في موضع آخر وهو يدل على أن اليد يد ضمان ، وأمر سحنون بطرح لفظ البيع ، وقال : إذا باعوا فعليهم الثمن ، وعنه : أنه فوت وعند الهدم ليس فوتا ، ويقال : جر الثلث مهدوما ، قال سحنون : هو اختلاف من قوله ، وعند سحنون : لا يضمن في القسم ما هو بأمر من الله ولا من سببه من بيع أو عتق أو هبة وإنما يطلب بثمن المبيع وعين العبد فيشارك بما يصيبه فيه إن كان موهوبا ، وبقيمة ما يجب له من الشقص يقوم على معتقه إن عتق ، ويضمنه أشهب بكل ما يكون من سببه دون المساوي ، ولابن القاسم في كون الهدم والبيع فوتا في القسم قولان ، والأشبه بأصولهم : الفوت ولم ير سحنون الهدم [ ص: 238 ] والبيع والبناء فوتا ، وقال في أم ولد المستحقة : يأخذها وقيمة ولدها لأنه قد يميل إليها فهو أحق بها ، وقال أيضا : لا يأخذها بل قيمة ولدها وقيمتها إلا أن يكون في ذلك ضرر من عار أو غيره ، قال ابن يونس : قول أبي محمد : يفوت العيب باختلاف الأسواق ، ليس لملك بل فوت عوضه ، والعوض في القسم أقامه ابن حبيب مقامه في البيع ، وقوله في الكتاب : لا يأتي بحنطة معينة في القسم إذا اطلع على العيب بعد الطحن لعدم الإحاطة بمقداره ، بل يرد القيمة ويرد الآخر الطعام الذي أخذه أو مكيلته ، ثم يقتسمان ذلك ، وليس له أن يرجع بنصف قيمة العيب في حنطة صاحبه لئلا يدخله التفاضل في الطعام ، وقال أشهب : يرد الحنطة ، ثم يقتسمان ذلك وحصة الآخر ، وعن سحنون : يشتركان بقيمة الطحين في الدقيق وما بقي وحصة الآخر بينهما ، قال اللخمي : إذا كان المعيب النصف ليس له رد السالم عند ابن القاسم في مسألة الجاريتين يستحق نصف ما في يد أحدهما ، وخيره أشهب بين التمسك بالباقي أو رد الجميع ; فإن كان العيب بأيسر ما في يده ، له الرد عند ابن القاسم ويرجع بما ينوبه دراهم أو دنانير ، وجعلهما أشهب شريكين ، ونقض محمد القسم بالاستحقاق قل أو كثر ، قال : وأرى إن كان القسم بالتراضي : فما قال ابن القاسم : في جميع الوجوه أو بالقرعة قدم طالب نقض القسم ، وإن قل المعيب والمستحق ; لأن تلك القرعة غير مشروعة ، وحيث له الرجوع في السالم والقسم بتراض : فما قاله ابن القاسم من الفوت بحوالة الأسواق فما فوتها من تغير أو زيادة إلا الديار فلا تفيتها حوالة الأسواق ; لأن الديار لا تطلب للتجر غالبا ولا تعرض للأسواق فلا تؤثر فيها ، ويفيت الجميع البيع والهبة والصدقة والحبس والقسم ، وإن كان القسم بالقرعة فقيل : بيع .

                                                                                                                والجواب : كالأول ، وقال أشهب : فلا تفيتها حوالة الأسواق ولا النماء والنقص ، بل البيع والحبس يفيتان لتعلق حق الغير ويرجع بالقيمة يوم القسم [ ص: 239 ] بخلاف البيع ، لضمان البائع المبيع ، والمقاسم غير ضامن ، ويرد على أشهب الفوت بذهاب اليد بعد القسم ، قال سحنون : إن باع أحدهما واستحق عبد الآخر فالثمن بينهما لأنه بدل العين وقد تعلق حق الغير بها ، وإن حملت الأمة ضمن يوم الحمل لأنه وقت سبب الفوات ، وعند أشهب : يوم القسم لأنه يوم وضع اليد ، وإن وهب أو حبس جاز في نصيبه على أصل سحنون ، ويأخذ شريكه نصيبه من الموهوب له إن كان مما ينقسم قاسمه ، وإن أعتق ضمن قيمة نصيبه يوم القسم على أصل سحنون ، يقوم نصيبه ليقوم عليه شريكه يوم التقويم إن كان مليا ، واتفق أشهب وسحنون إذا لم يخرج من اليد : أن النماء والنقصان بينهما ، وليس بفوت ; فإن خرج ببيع أو هبة أو صدقة أو حبس أو عتق ; فعند أشهب فوت ، والقيمة يوم القسم لأن الشريك سلطة ، وقال سحنون : فوت والقيام يوم الفوت ، وعنه يرجع في الهبة إن وهب أو تصدق كالمستحق ، وإن أعتق فالاستكمال في العتق يوم الرجوع ; فإن فات بعد العتق وقبل الرجوع لم يضمن صاحبه على أحد قولي سحنون .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا بنى أحدهما أو غرس ، ثم استحق نصف نصيبه فذلك فوت ، وكذلك إن استحق نصف الذي لم يبن ، ويرد غير الباني ما بقي ، والثاني قيمة جميع نصيبه ، ويقسمان ذلك إن كان المستحق كثيرا وإلا ترك القسم ورجع بنصف قيمته لبقاء وجه الصفقة ، ونقضه ( ش ) وابن حنبل مطلقا لوقوع القسم على غير معدل ، وقال ( ح ) : لا ينتقض مطلقا بل يخير المستحق منه بين فسخ القسم لكونه على معدل وبين الرجوع على الشركاء توفية لحقه ، ولا يتعين الفسخ [ ص: 240 ] لعدم دخولهما على عدم التعديل ابتداء . لنا : أن التفرقة بين القليل والكثير جمع بين المدارك فتكون أولا ، ولو وقع في نصيب الثاني : فإما يدفع المستحق قيمة البناء قائما لأنه وضعه غير متعد ، وإلا رجع الآخر بقيمة الأرض لأنه ليس بغاصب ، قال ابن القاسم : متى استحق كثيرا رجع بنصف قيمة ذلك ( فيما بيد صاحبه شريكا فيه ; فإن لم يفت أو يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك ) ثمنا نفيا لضرر الشركة ، وإن اقتسما دورا بأسهم أو بالتراضي فاستحقت واحدة أو وجد بها عيب وهي جل النصيب أو أكثره ثمنا انتقض القسم كالبيع ، وإن كانت العشر رجع بنصف عشر قيمة ما بيد الآخر ثمنا ، ولا يرجع فيه على الاستحقاق ويردها في العيب ، ويرد الآخر عشر قيمة ما بيده يكون ذلك مع الدار المعينة بينهما .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : اقتسما جاريتين فاستحقت إحداهما بعد الاستيلاد فلربها أخذها لأنها عين ماله ، وقيمة ولدها لأنه نشأ عن ماله وتخلق على الحرية ، فامتنع أخذ عينه ، وقيمته تقوم مقامه ، ويرجع الشريك على صاحبه بنصف الجارية الآخر ; فإن فاتت بغير سوق فما فوقه فنصف قيمتها يوم قبضها ، وبه أخذ ابن القاسم في البيع ، ثم رجع مالك في البيع إلى هذا ، ومنع أخذها لتضرر المشتري بالعار بأخذ فراشه ، ولكن قيمتها وقيمة ولدها ، قال ابن القاسم : لو رضي المستحق بقيمتها ليس للولد الامتناع على قول مالك صونا للحرية فيها ، وللمالية عن الذهاب ، [ ص: 241 ] ويعطى قيمة ولدها وقيمتها يوم الاستحقاق لأنها لو ماتت قبله لم يلزم المبتاع قيمتها ; لأنه لو لزمته لكانت ملكه فلا يلزمه قيمة ولدها . قال اللخمي : يعود المقال بينهما في الجارية الثانية : فإن كان القسم بالتراضي أو بالقرعة على القول أنها بيع : فعلى من هي في يديه نصف قيمتها يوم قاسم ، واختلف على أنها تمييز حق ، قال ابن القاسم : يوم قاسم ، وقال سحنون : يوم حملت إن كان موسرا ; فإن كان معسرا فعلى قول ابن عبدوس في العبد يعتق : يكون على الشريك قيمته يوم التقويم يكون للشريك أخذ نصف الأمة ، ويتبع بقيمة نصف الولد لأنه أنزله في العتق منزلة نصف قيمة المستحق ، ويكون له نصفه في العتق على أصله في العتق إذا كان معسرا ، وكذلك الأمة ، قال صاحب التنبيهات : اختلف في قوله إلا أن يكون عليه ضرر . فقيل : على المستحق منه وقد وقع مصرحا به في الأسدية فقال : إلا أن يكون في إسلامها ضرر ، وقاله أشهب ، وقيل : على المستحق ; لأنه قد يكون يحبها أو يكون المستحق منه معدما .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن يونس : جعل ابن القاسم إذا اقتسما كل واحد منهما عبدا فاستحق نصف عبد أحدهما رجع على صاحبه بربع عينه إن استحق نصفه إن كان قائما ، وإلا فربع قيمته ، بخلاف المبتاع يرد باستحقاق اليسير لضرر الشركة في منع السفر والوطء ، والفرق : أن في قسم العبدين لم يبع أحدهما عبدا كاملا ، بل ضرر الشركة كان قبل القسم ، قال ابن عبدوس : جعل كل واحد يضمن ما بيده أن لو مات عبد أحدهما واستحق الآخر لتغريمه القيمة يوم القبض ، كمن باع عبدا بعبد ، قال سحنون : وهذا خلاف أصل مالك ، والقسم خلاف البيع لأنه لو طرأ دين لم يضمن من مات عنده ، قال ابن عبدوس : إذا جعل له الرجوع على ( من مات عنده [ ص: 242 ] ثم طرأ دين : فإن أمرت أخذ نصف القيمة أن يعطيه في الدين ضمن من مات ) عبد في يديه لرب الدين ، وأصله : عدم ضمان الميت بيده لأهل الدين ، وإلا ورثت مع قيام الدين ، ولو كان القسم بيعا لكان لمستحق العبد إجازة البيع في نصفه وأخذه نصف الآخر لأنه ثمن نصف عبده . قال سحنون : إن باع أحدهما عبده واستحق عبد الآخر ; فالثمن بينهما ، ولو أحبل الأمة ضمن قيمتها يوم حملت ; لأنه يوم تعين الفوات ، وعند أشهب : يوم قاسم ; لأنه يوم وضع اليد ، وإن بنى ضمن نصف قيمة ما قبض عند ابن القاسم ، وقال سحنون : يقتضي قول ابن القاسم : يشاركه في قاعة ما بنى ثم يتعاملان في البناء ، فلو قسما خشبا فعمل نصيبه أبوابا ، قال سحنون : ليس بفوت ; لأن مالكا قال : النسج في الغزل ، والطحن في الدقيق ليس فوتا ، وقال فيما إذا اغتل العبد ثم استحق الآخر رجع في العبد الآخر وفي غلته ، قال ابن عبدوس : إن كان بأيديهما بغصب فغلته للمستحق ، أو بشراء خير المستحق من بيده في التمسك فيما بيده من الغلة وعدم الرجوع على شريكه ، ولا يرجع الآخر عليه بشيء ، وبين رد الغلة فكانت مع العبد الباقي فغلته بينهما نصفين ، وعن مالك : ثلاثة إخوة اقتسموا ثلاثة أعبد فمات أحدهم واستحق الآخر فالهالك عبده لا يرجع ، ولا يرجع عليه ، والمستحق عبده على الثالث بثلث عبده ، وللباقي عبده الثلثان ، قال أشهب : فلو كان القسم بيعا لرجع من استحق من يده على الهالك عبده بثلث قيمته ، قال أشهب : فإن رجع العبد المستحق على بائعه بثمن ، فثلثا ذلك الثمن ، وثلث العبد الباقي للمستحق منه ، وثلث الثمن الباقي للذي العبد في يديه ، قال ابن عبدوس : هذا إذا كان الثمن مثل قيمته يوم القسم ; فإن كان أكثر : فالزائد يرجع فيه الهالك عبده بثلثه ، ولا حجة له في مقدار الثمن لأن مصيبته منه .

                                                                                                                [ ص: 243 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أخذ الموصى له ثلث الدار فبناه ، ثم استحق فللمستحق إعطاؤه بنيانه وإلا أعطاه هذا قيمة أرضه ; فإن أعطاه قيمة البناء وهو أقل مما أنفق لحوالة سوق لم يرجع بنقض ذلك على الورثة ولا غيرهم وينتقض القسم فيقاسم بقيمة الدار إلا أن يفوت ببناء أو بيع فيرجع عليهم بقيمة الدار قبضوها يقتسمون تلك القيمة ; فإن فاتت بهدم فليس له إلا ثلث ذلك مهدوما مع ثلث النقض ، وإن بيع من النقض شيء فله ثلث ثمنه دون القيمة ; لأن المستحق في البيع لا يتبع المبتاع إذا هدم إلا أن يبيع النقض فعليه الثمن ، وكذلك الأمة إذا عميت ، قال ابن يونس : قال أبو محمد : انظر قوله إلا أن يفوت ما بيد الورثة ببيع يرجع عليهم بقيمة الدار ، ثم قال : إن بيع النقض قائما يرد الثمن ، وقال قبل هذا : إذا أصاب بنصيبه عيبا وهو جل ما بيده يرده ، وفات ما بيد أصحابه بيع ردوا إلى القيمة فما الفرق ؟ وقال سحنون : الأصل : الرد إلى الثمن في هذا كله ، وقال صاحب المقدمات : إذا قسموا بالقرعة ، ثم طرأ استحقاق على أحد ، أو وجد معيبا : فقال عبد الملك : ينتقض القسم قبل الاستحقاق أم كثر فاتت الأنصباء ، أو هي قائمة ومصيبة التالف من جميعهم كلحوق الدين ، وقال ابن القاسم : في المدونة : لا ينتقض إلا أن يستحق الجل من النصيب ، أو ما فيه ضرر ، ويرجع المستحق منه على إشراكه على حكم البيع في القيام والفوات ، كان الفوات باستهلاك أو استحقاق أو إخراب أو أمر سماوي ، والقول لأشهب ، لا يضمن في الاستحقاق في الأمر السماوي ، وفي الجواهر : إذا استحق بعض المال شائعا لم ينتقض القسم واتبع كل وارث بقدر ما حاز إليه من حقه إن قدر على قسم ما بيده من ذلك ، ولا يتبع المليء بما على المعدم ، وإن استحق بعض معين ، فقال ابن القاسم : إن كان كثيرا رجع بقدر نصف ذلك فيما بيد صاحبه يكون به شريكا فيما بيده إذا لم يفت ، وإن كان المستحق يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك دنانير أو دراهم ، ولا يشارك صاحبه ، وهذا قول مالك ، وعن ابن القاسم : إذا اقتسموا الدور فاستحق من نصيب أحدهم شيء ; فإن كان الذي استحق أو وجد به عيب هو جل ما في يديه أو أكثر ثمنا انتقض القسم وإلا [ ص: 244 ] ردها وحدها ، ورجع على شريكه في الاستحقاق بنصف قيمة ذلك مما في يد صاحبه ، ثم قال ابن القاسم : في الدار الواحدة مخالفة في القسم للدور الكثيرة لدخول الضرر فيها في السكن والبناء ، وقال أشهب : إذا استحق بعض نصيب أحدهما أكثره أو أقله فيه مضرة أم لا ، رجع على صاحبه بنصف ما استحق فيما في يد صاحبه ، فكان شريكا به ، ولا ينتقض القسم إذا فات الباقي في يد المستحق منه بالبناء ، لا يقدر على رده .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية