الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : أوصى لرجل بصوفها ولآخر بلحمها ولآخر بجلدها فتركت حتى ولدت الأولاد فلا شيء للأولين من الولد ، ولصاحب الجلد قيمته ؛ لأن الولد تابع لأمه ، والأم داخل الجلد والصوف ، والجلد تبع فيعطى قيمته إذا استحييت .

                                                                                                                [ ص: 141 ] فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : أوصى لرجل بعشرة ، ولآخر بعشرين ، ولآخر بثلاثين . وقال في آخر : هو شريكهم ، يعطى نصف وصية كل واحد منهم مما أوصى له به ، لا من بقية الثلث بعد الوصايا ؛ لأنه شرك ولم يبين ، فإن قال : هو شريك معهم بالتسوية فقد وصى له بربع كل وصية ، إن كانوا أربعة فهو رابعهم ، أو خمسة فله الخمس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : أعطوا فلانا هذا الفرس ، وخيروا فلانا في الفرسين الباقيين ، وادفعوا الباقي لفلان ، فاختلط المعين فلم يعرف : يعطى صاحبه الثلث من كل فرس ، وللمخير ثلث الأعلى وثلث الوسط ، وللآخر ثلث الدني والوسط ، فيصير لكل واحد فرس ، وتجوز شهادة الشهود فيها مع اللبس كما لو طلق إحداهما وشكوا فيها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : إذا جهل سبقية موت الموصي والموصى له : لا شيء لورثة الموصى له ، كما لا يورث بالشك إلا أن تقوم بينة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن القاسم : أوصى له بمائة سلفا إلى أجل ، ثم هي لآخر ، يضمن الأول ما [ ص: 142 ] نقص منها ؛ لأنه المتصرف فيها . فإن لم يحملها الثلث أخرج ما حمله على الشرط المذكور .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال ابن القاسم : إن مت من مرضي هذا فعبدي مدبر . فهي وصية إن عاش اتفاقا ، وإن مات فله في كونها وصية أو تدبيرا قولان نظرا للفظ التدبير أو التعليق على الموت ، وفائدة الخلاف : التقديم على الوصية .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : كنت حلفت بعتق رقيقي إن لم أتصدق بمائة فأخرجوها من ثلثي : إن حمل الثلث المائة بر ؛ لأن حال الثلث بعد موته كحال ماله في حياته ، بخلاف قوله : كنت حنثت في صحتي .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : إذا أوصى بعتق بعض رقيقه فمرض بعضهم قوم مريضا ولا ينتظر به الصحة خوف الموت ؛ لأن تنفيذ الوصية واجب على الفور .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : أوصى لفقراء بني عمه ، ولم يشهد بذلك إلا أغنياؤهم : ترد الشهادة للتهمة في صيرورتهم محتاجين للمشهود به إلا في الشيء اليسير .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : الوصية بالغائب جعل إحضاره على الموصى له ؛ لأنه ملكه ، وله نفعه ، ويقوم بذلك الموضع في رفعته وخسته ، ولا يجلب .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : بيعوا عبدي هذا بعشرين ، وأعطوا فلانا منها خمسة [ ص: 143 ] عشر ، فحبس عن العشرين : أعطي ثلاثة أرباع المتحصل ؛ لأنها نسبة الوصية ، وعنه : له ما زاد على الخمسة قل أو كثر ؛ لأنه لم يبق للورثة إلا خمسة فلا تنقص .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال ابن القاسم : لا تدخل بئر الماشية في الوصية ؛ لأنها لا تباع ولا تورث ، ولا للموصى له شرب مع الورثة لعدم تناول الوصية إياها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : أوصى أن يعتق إن حمله الثلث فلم يسعه ، لم يعتق إلا أن ينقص الشيء اليسير فيعتق كله ؛ لاشتراطه السعة ، وظاهر قوله : إنه لا يغرم ذلك اليسير ، والذي في الكفالة من المدونة : اليسير مثل الدنانير والدراهم ، وقال ابن القاسم : يغرمه موسرا ويتبعه الورثة معسرا ؛ لأنه يكمل على نفسه مراعاة لقول ربيعة أنه يقوم بماله ، فإن لم يحمله قوم بما يحمله من ماله ويكون الباقي اليسير مضافا للمال اليسير . وابتاعه مراعاة للقول بالاستسعاء ، وقال سحنون : يرق الباقي ليسارته ، ولا يلزمه غرم ، ووجه قول مالك بالعتق إذا بقي الشيء اليسير : أن الزيادة غير محققة ؛ لأنه تقويم بالاجتهاد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : قال مالك : إذا ادعت المرأة حملا أخرت الوصايا ( حتى يتبين أمرها لئلا تؤخذ الوصايا ) ويوقف الثلثان ، فربما هلك فيرجع الورثة على الموصى له بثلثي ما أخذ ، ولعله يفوت في يده أو يعدم ، وقال أشهب : تنفذ الوصايا ؛ لأن الأصل : عدم [ ص: 144 ] الهلاك ، والخلاف أيضا جار على الخلاف في الموصى له بالثلث يطرأ على الورثة ، هل حكمه حكم الوارث يطرأ على الورثة أو حكم الغريم أو حكم الوارث ؟ فعلى الأول : تعطى الوصايا ويوقف للورثة ثلثاهم لهم النماء وعليهم النقص ، ولا يرجعون بشيء ولا يرجع صاحب الثلث بشيء إن نما المال . وعلى الثلثين وقف جميع المال ، ولا يجعل له الثلث كما لا يجعل السدس حتى يوضع ، وعلى هذا لو عجل له الورثة الثلث وتلف بقية المال قبل وضع الحمل ، رجعوا بثلثي الثلث ، ويرجع هو عليهم بثلث النماء ، وعلى القول الثاني : لا يرجع ، ولو كانت الوصية بعدد دنانير عجل ووقف الباقي اتفاقا ؛ لأن الوصية بالعدد واجبة الإخراج كالدين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية