الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قسم للصغير أبوه فحابى امتنعت محاباته وهبته وصدقته في مال ابنه الصغير ؛ لأن ماله معصوم ، وإنما جعل له النظر بالمصلحة لعجزه بالصغر [ ص: 185 ] ويرد ذلك بعينه ، وإن كان صدقة والأب موسر ، فإن فات بيد المعطى له وتلف : ضمنه الأب إن كان موسرا يوم الخصام ؛ لأنه المتعدي ، ولا يرجع على الأجنبي ؛ لأنه التزم تمليكه ، فإن كان معدما رجع الولد على المعطي لتلف المال تحت يده بغير سبب شرعي ، فإن كان الأب والمعطي معدمين اتبع الولد أولهما يسرا بالقيمة لوجود السبب من الوالد ، ووضع اليد من الأجنبي وهما سببا ضمان ، ولا يرجع المؤدي منهما على صاحبه ؛ لأنه غرم عن نفسه ، ولو أيسر الأب أولا لم يتركه الابن ويتبع الأجنبي ، كما ليس له ذلك في يسارهما ؛ لأنه المتعدي الأول . ولو أعتق الأب غلام ابنه الصغير موسرا يوم العتق جاز وعليه الثمن في ماله ؛ لتشوف الشرع إلى العتق ، وحمل تصرفات العقلاء على الصحة ما أمكن فكأنه اشتراه من ابنه للعتق ، ( ولأنه معاوضة حصلت له ) ولأن العتق بخلاف الهبة والصدقة فإن كان معسرا يوم العتق رد صونا للمال عن الضياع ، إلا أن يتطاول ذلك وتتزوج الحرائر ، وتجوز شهادته فيتبع الأب بالقيمة ؛ لأن ذلك مثل الفوات في البيع الفاسد . قال ابن يونس : أمضى ابن الماجشون الصدقة إن كان موسرا ويغرم القيمة ، ويرد إن كان معسرا ورد العتق إن طال لبطلان التصرف في أصله وعدم الرجوع للعتق بخلاف الصدقة لتعلق حق الغير بها . وأمضى أصبغ ذلك كله وإن كان معسرا ، ويتبع بالقيمة حملا لتصرفه على الصحة بالضمان ، والقاعدة المشهورة : حمل تصرفات العقلاء على الصحة ما أمكن ؛ لأنه ظاهر حالهم ، وقوله : أعتق غلام ابنه يريد على نفسه لا عن الصبي .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية