الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 264 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : ثلاثة إخوة أحدهم لأب باع أحد الشقيقين فهي للأخوين لأن ميراثهم كلهم بالبنوة ، ولو ولد أحدهم أولادا ثم مات فشفعة الأولاد بينهم دون الأعمام ( لأنهم أهل ميراث واحد ; فإن سلموا فهي للأعمام ; فإن باع أحد الأعمام فهي ) لبقيتهم مع بني أخيهم لدخولهم مدخل سهم ، وإن ترك ابنتين وعصبة قدمت إحداهما على العصبة لأنهما أهل سهم ; فإن سلمت فللعصبة ، ولو باع أحد العصبة فهي لبقيتهم وللبنات والأخوات مع البنات كالعصبة ; فإن كانت الدار بين شريكين فمات أحدهما وترك عصبة فباع أحدهم فبقيتهم أحق من الأجنبي ، لأنهم أهل سهم ; فإن سلموا فهي للشريك ; فإن ترك أختا شقيقة وأختين لأب فأخذت النصف والأخريان السدس فهي لأختها الشقيقة ، لأنهما أهل سهم واحد ، وهو الثلثان ، والإخوة أولى بها بينهم إذا باع أحدهم ، وكذلك الجدات ، قال التونسي : قال مالك وأصحابه : أهل كل سهم أولى إلا ابن دينار ، ومتى سلم أهل السهم الشفعة فأهل السهام والعصبة سواء ; لأن سببهم عموم المورث لا خصوص سبب ، فيستوون ; فإن سلم جملة الورثة فالشركاء بعدهم ، ولو باع أحد العصبة لدخل أهل السهام مع بقية العصبة ، ولم ير العصبة أهل سهم ، وجعلهم أشهب كأهل سهم ، يختصون بها ، والموصى لهم بالثلث أو بجزء مسمى عند ابن القاسم ، لا يدخلون مع الورثة ، ويدخل الورثة معهم ، وعند محمد وأشهب كأهل سهم ( وإذا أوصى أحد ولد الميت لرجل واحد فباع إخوة الموصي : قال محمد : يدخل الموصى له معهم ، لأنه كأهل سهم ) لأنه لو كان الموصى له جماعة شافعوا بينهم دون الورثة ، فمن كان شافعا مع أصحابه لا يدخل على من لا يشافعهم ، ولو كان أصحابه يشافعون الورثة دخل على الورثة ، قال : وهذا لا يصح ، لأن أهل السهم الواحد يتشافعون بينهم ، ولا يمنعهم ذلك من [ ص: 265 ] الدخول على بقية الورثة الذين لا يشافعونهم ، ولو كان أهل السهم واحدا ليس له من يشافعه : شافعه جملة الورثة لعدم من يمنعهم ، وإذا باع أهل سهم معلوم فسلم بقيتهم وبقية الشركاء ، ثم باع أحد الشركاء الذين ليسوا بأهل سهم واحد فللمشتري النصيب ، ولشركائه وبقية الورثة التحاصص في هذا المبيع ; لأنه حل محل البائع منه لما سلم له بقية شركائه وبقية الورثة ، وإن ورثه ابنه وامرأته فمات الابن عن أخته وأمه وعصبة فباع بعض العصبة ، ففي كتاب محمد : تشافع الأخت والأم العصبة لما ورثا من الميت الأول والثاني ، قال : وفيه نظر لأن موت الابن يوجب وراثة ثانية فلا يضربوا مع بقية العصبة إلا بالقدر الذي ورثوه معهم ; لأن الضرب بالميراث الأول إضرار بالعصبة ، ويلزم عليه إذا ورثه أولاده فمات أحدهم عن إخوته وورثة أن يدخل ورثته فيما باع أحد ورثة الابن ، إذ لا فرق بين عدم ميراثهم في الثاني أو يكونون يتحاصون بما ورثوه من غيره ، ويلزم أن شركاء الميت يحاصون بقية ورثة الميت في مبيع أحدهم ، والمعروف خلافه ، وأما الشقيقة مع أخوات الأب : فأشهب يرى عدم دخول الشقيقة لاختصاصهن بالسدس دونها ، قال ابن يونس : ثلاثة اشتروا دارا أو ورثوها فباع أحدهم من نفر وسلم الشريكان فباع أحد النفر فبقية النفر أشفع من شريكي البائع ، ولو باع أحد شريكي البائع لدخل شريكه الذي لم يبع وسائر النفر فلهم النصف ، ولشريكهم الذي لم يبع النصف ، وخالفه ابن القاسم وقال : لا يكون النفر أشفع فيما باع بعضهم ، بل هم كبائعهم يقومون مقامه ، بخلاف ورثة الوارث أو ورثة المشتري ، والفرق : أن السهم الموروث لا شفعة به لشركاء الميت مع الورثة ، وإذا باع أحد الورثة فبقيتهم أشفع من شركاء الميت ، وشركاء البائع لهم الشفعة [ ص: 266 ] والتسليم ، فلهم الدخول فيما باع أحد الشريكين كما لهم الدخول فيما اشتروا ، قال ابن القاسم : ولو باع أحد شريكي البائع الأول لدخول المشترون مع من بقي من شركاء بائعهم بقدر حصص بائعهم ، وقال أصبغ : لم يثبت أن أهل السهم المفروض هم الذين يتشافعون خاصة ، وعليه جماعة الناس .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية