الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ذكر الحث على لزوم النصيحة للمسلمين كافة

أنبأنا الحسين بن محمد بن أبي معشر - بحران - حدثنا عبد الرحمن بن عمرو البجلي ، حدثنا زهير بن معاوية ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن تميم الداري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم".

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : الواجب على العاقل لزوم النصيحة للمسلمين كافة، وترك الخيانة لهم بالإضمار، والقول والفعل معا؛ إذ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان يشترط على من بايعه من أصحابه "النصح لكل مسلم" مع إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة.

وأخبرني محمد بن أبي علي الخلادي ، حدثنا محمد بن الحسن الذهلي ، عن أبي السائب، قال: قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : "لا تعمل بالخديعة؛ فإنها خلق اللئام، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة، وزل معه حيث زال".

[ ص: 195 ] وأنشدني الكريزي:


قل للنصيح الذي أهدى نصيحته سرا إلينا، وسامته التكاليف     النصح ليس له حد فتعرفه
والنصح مستوحش منه ومألوف     حتى إذا صرحت عنا عواقبه
كانت لنا عظة منه وتعنيف     لو كان للنصح حد يستبان به
ما نالنا حسرة منه وتلهيف     لكن له سبل شتى مخالفة
بعض لبعض، فمجهول ومعروف     والناس غاو وذو رشد، ومختلط
والنصح ممضى، ومردود، وموقوف



قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة، كما أن خير الأعمال أحمدها عاقبة، وأحسنها إخلاصا، وضرب الناصح خير من تحية الشانئ.

ويجب أن يكون للعاقل نصيحة مبذولة للعامة، مكتوما من العام والخاص ما قدر عليه، وليس الناصح بأولى بالنصيحة من المنصوح له.

وأنبأنا عمرو بن محمد ، حدثنا الغلابي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التيمي ، حدثني أبي، قال: "لما قدم علي الكوفة لقيه المغيرة بن شعبة، فقال له: إني أشير عليك برأي فاقبله، قال: هات، قال: أقر معاوية على الشام يسمح لك طاعته؛ فإن أهل الشام قد ذاقوه فاستعذبوه، ووليهم عشرين سنة لم يعتبوا عليه، ولم يعتبوه في عرض ولا مال، فقال: والله لو سألني قرية ما وليته إياها، قال: فقال المغيرة: أراه سيلي أرضين وقريات".

التالي السابق


الخدمات العلمية