الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أنبأنا محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا الحسن بن محمد الأزدي الكوفي ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، عن أبيه، قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمد، ورجل [ ص: 213 ] يشكو رجلا عنده، قال لي كذا، وفعل لي كذا، فقال له جعفر: من أكرمك فأكرمه، ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : ما ضم شيء إلى شيء هو أحسن من حلم إلى علم، وما عدم شيء في شيء هو أوحش من عدم الحلم في العالم، ولو كان للحلم أبوان لكان أحدهما العقل والآخر الصمت، وربما يدفع العاقل إلى الوقت بعد الوقت إلى من لا يرضيه عنه الحلم، ولا يقنعه عنه الصفح، فحينئذ يحتاج إلى سفيه ينتصر له؛ لأن ترك الحلم في بعض الأوقات من الحلم.

ولقد حدثني محمد بن المنذر ، حدثنا يزيد بن عبد الصمد ، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، حدثنا الوليد، عن سعيد بن عبد العزيز: أن رجلا استطال على سليمان بن موسى، فسكت له سليمان، وانتصر له أخوه، قال: فقال مكحول: ذل من لا سفيه له.

حدثنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، قال: قال أبو حنيفة ، لشيطان الطاق: ما تقول في المتعة؟ قال: حلال، قال: فيسرك أن أمك تزوجت متعة؟ فسكت عنه ساعة، ثم قال: يا أبا حنيفة ما تقول في النبيذ؟ قال: حلال، قال: وشربه، وبيعه وشراؤه؟ قال: نعم، قال: فيسرك أن أمك نباذة، قال: فسكت عنه أبو حنيفة.

أنشدني علي بن محمد البسامي:


إذا كنت بين الحلم والجهل قاعدا وخيرت: أنى شئت، فالحلم أفضل     ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا
ولم يرض منك الحلم، فالجهل أفضل



وأنشدني محمد بن حبيب الواسطي:


إذا أمن الجهال جهلك مرة     فعرضك للجهال غنم من الغنم
فعم عليه الجهل والحلم والقه     بمرتبة بين العداوة والسلم [ ص: 214 ]
فيرجوك تارات، ويخشاك تارة     وتأخذ فيما بين ذلك بالحزم



التالي السابق


الخدمات العلمية