[ ص: 266 ] باب ذبائح بني إسرائيل   أخبرنا الربيع  قال : ( قال  الشافعي    ) : قال الله تبارك وتعالى { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه    } الآية وقال عز ذكره { فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم    } . 
( قال  الشافعي    ) : يعني والله تعالى أعلم - طيبات كانت أحلت لهم . وقال عز وجل { وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر    } إلى قوله " لصادقون " . 
( قال  الشافعي    ) : الحوايا ما حوى الطعام والشراب في البطن ، فلم يزل ما حرم الله تعالى على بني إسرائيل    - اليهود  خاصة ، وغيرهم عامة - محرما من حين حرمه حتى بعث الله جل جلاله محمدا  صلى الله عليه وسلم ففرض الإيمان به ، وأمر باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعة أمره ، وأعلم خلقه أن طاعته طاعته ، وأن دينه الإسلام الذي نسخ به كل دين كان قبله . وجعل من أدركه وعلم دينه فلم يتبعه كافرا به فقال { إن الدين عند الله الإسلام    } فكان هذا في القرآن ، وأنزل عز وجل في أهل الكتاب  من المشركين { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم    } إلى قوله { مسلمون    } وأمرنا بقتالهم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون إن لم يسلموا ، وأنزل فيهم { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل    } إلى قوله { والأغلال التي كانت عليهم    } فقيل - والله أعلم - أوزارهم وما منعوا بما أحدثوا قبل ما شرع من دين محمد  صلى الله عليه وسلم فلم يبق خلق يعقل - منذ بعث الله تعالى محمدا  صلى الله عليه وسلم كتابي ولا وثني ولا حي ذو روح ، من جن ولا إنس - بلغته دعوة محمد  صلى الله عليه وسلم إلا قامت عليه حجة الله عز وجل باتباع دينه ، وكان مؤمنا باتباعه وكافرا بترك اتباعه ، ولزم كل امرئ منهم آمن به أو كفر ، تحريم ما حرم الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم كان مباحا قبله في شيء من الملل وأحل الله عز وجل طعام أهل الكتاب    . 
وقد وصف ذبائحهم ، ولم يستثن منها شيئا ، فلا يجوز أن تحرم منها ذبيحة كتابي وفي الذبيحة حرام على كل مسلم ، مما كان حرم على أهل الكتاب  قبل محمد  صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يبقى من شحم البقر والغنم . وكذلك لو ذبحها كتابي لنفسه وأباحها لمسلم لم يحرم على مسلم من شحم بقر ولا غنم منها شيء ولا يجوز أن يكون شيء حلالا من جهة الذكاة لأحد ، حراما على غيره ، لأن الله عز وجل أباح ما ذكر عاما لا خاصا . فإن قال قائل : هل يحرم على أهل الكتاب  ما حرم عليهم قبل محمد  صلى الله عليه وسلم من هذه الشحوم وغيرها إذا لم يتبعوا محمدا  صلى الله عليه وسلم ؟ فقد قيل ذلك كله محرم عليهم حتى يؤمنوا ، ولا ينبغي أن يكون محرما عليهم . وقد نسخ ما خالف دين محمد  صلى الله عليه وسلم بدينه ، كما لا يجوز ، إن كانت الخمر حلالا لهم إلا أن تكون محرمة عليهم ، إذ حرمت على لسان محمد  صلى الله عليه وسلم وإن لم يدخلوا في دينه . 
				
						
						
