الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان للمشتري شبهة وهي الشبه الثلاث في الغاصب مع شبهة رابعة يختص بها دون الغاصب وهي جهله بأن الأمة غصب ثم حكمه فيما يجب بوطئه في حال الشبهة كالغاصب إذا وطئ بشبهة على ما ذكرنا من الأحكام المقررة إلا أن الغاصب في ضمان [ ص: 155 ] قيمتها يلتزم أكثر مما كانت قيمة من وقت الغصب إلى وقت التلف فأما المشتري ففيه وجهان بناء على كيفية ضمان المقبوض ببيع فاسد :

                                                                                                                                            أحدهما : يضمن قيمتها وقت القبض ، فعلى هذا إن كان قد حدث بها نقص قبل قبضها ، أو حدث بها زيادة بعد قبضه اختص الغاصب بتحملها

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن يضمن قيمتها أكثر ما كانت من وقت قبضه إلى حين التلف ، ولا يضمن النقص الحادث قبل قبضه ويضمن الزيادة الحادثة بعد قبضه فيكون في الوجهين معا غير ضامن للنقص الحادث قبل قبضه وإنما الوجهان في الزيادة الحادثة بعد قبضه فيكون في أحد الوجهين غير ضامن ، وقد رواه الربيع في الأم .

                                                                                                                                            وفي الوجه الثاني يضمنها ، وقد أشار إليه المزني في جامعه الكبير ، ويكون ما لا يضمنه المشتري من فضل القيمة مرجوعا به على الغاصب وحده ، وما سوى ذلك فهو من ضمان المشتري فإن رجع به على المشتري نظر فإن كان المشتري عالما بالغصب فلا رجوع له بشيء منه على الغاصب وإنما يرجع عليه بما أخذه من الثمن وإن كان المشتري غير عالم بالغصب انقسم ما غرمه ثلاثة أقسام : قسم لا يرجع به ، وقسم يرجع به ، وقسم مختلف في الرجوع به . فأما القسم الذي لا يرجع به فهو ما كان مضمونا عليه بالعقد وذلك ثلاثة أشياء : أرش البكارة ونقص الولادة وقيمتها إن ماتت لا يرجع بشيء من ذلك على الغاصب ؛ لأنه دخل بعقد البيع على التزام تحملها . فأما القسم الذي يرجع به فهو ما كان غير مضمون عليه بالعقد ، ولم يكن في مقابلة عوض وذلك قيمة الأولاد فيرجع بها على الغاصب ؛ لأنه دخل بعقد البيع على أن لا يضمنهم وليس له عوض في مقابلتهم .

                                                                                                                                            فأما القسم المختلف فيه فهو ما كان غير مضمون عليه بالعقد لكنه في مقابلة عوض وذلك شيئان : المهر ، والأجرة ؛ لأن المهر في مقابلة الاستمتاع ، والأجرة في مقابلة المنفعة وهما مما تصح المعاوضة عليها ففي رجوعه بها على الغاصب قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم يرجع بها على الغاصب ؛ لأنه عاد له .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وبه قال في الجديد لا يرجع بهما عليه لعلتين :

                                                                                                                                            إحداهما : أنه غرم استحق بفعله ، والثانية : أن الغاصب متسبب ، والمشتري مباشر ، والضمان متعلق بالمباشرة دون السبب ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية