الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحالة الثانية : أن يعجز على التوكيل ويقدر على الإشهاد بالطلب فعند أبي حنيفة أن الإشهاد شرط في استحقاق الشفعة مع القدرة على الطلب ، والعجز عنه ، وأنه متى لم يشهد مع مكنته من الإشهاد بطلت شفعته ، وعند الشافعي - رضي الله عنه - أن الإشهاد مع القدرة على الطلب ليس بواجب ؛ لأن الإشهاد إنما يراد ليكون بينة له على إرادة الطلب فاستغنى عنه بظهور الطلب .

                                                                                                                                            فأما وجوب الإشهاد مع العجز عن الطلب ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو ظاهر نصه هاهنا : أن الإشهاد ليس بواجب وهو على شفعته إن تركه كالقادر على الطلب .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن الإشهاد واجب وتركه مبطل للشفعة ، والفرق بين القادر على الطلب ، والعاجز عنه ، أن ظهور الطلب من القادر عليه يغني عن الإخبار بمراده ، والعاجز عنه قد يحتمل أن يكون إمساكه تركا للشفعة ، ويحتمل أن يكون قصدا للطلب مع المكنة فافتقر إلى نفي الاحتمال في الإخبار عن مراده بالإشهاد ، فعلى هذا يجب أن يشهد ويكون بينة كاملة عند [ ص: 243 ] الحاكم وهو أن يشهد شاهدين عدلين ، أو شاهدا وامرأتين ، فإن أشهد شاهدا واحدا ليحلف معه لم يجز ؛ لأن من الحكام من لا يحكم بالشاهد واليمين ، فلم يصر مستوثقا لنفسه بالإشهاد .

                                                                                                                                            ولو أشهد عبيدا ، أو صبيانا ، أو فساقا لم يجزه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجزيه إشهادهم ؛ لأنه قد يعتق العبد ، ويرشد الفساق ، ويبلغ الصبيان ، وهذا خطأ ؛ لأن مقصود الشهادة هو الأداء فلم ينفع إشهاد من لا يصح منه الأداء ، وليس ما ذكره من جواز انتقالهم عن أحوالهم بأغلب من جواز بقائهم على أحوالهم ، فلو لم يشهد وطالب عند الحاكم بالشفعة فهو أقوى من الشهادة في ثبوت الشفعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية