الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا كانت لرجل في يد رجل ألف درهم وديعة فقارضه عليها وهما يعلمان قدرها وصفتها جاز ، ولو كانا يجهلان القدر ، أو الصفة لم يجز ، ولو قال له قد قارضتك على ألف من ديني الذي على فلان فاقبضها منه قراضا لم يجز ؛ لأنه قراض على مال غائب ، فإن [ ص: 309 ] قبضها واتجر بها صح القبض ؛ لأنه وكل فيه وكان الربح والخسران لرب المال وعليه لحدوثهما عن ملكه في قراض فاسد .

                                                                                                                                            ولو كان له على العامل دين فقال له : قد جعلت ألفا من ديني عليك قراضا في يدك لم يجز تعليلا بأنه قراض على مال غائب ، وفيما حصل فيه من الربح ، أو الخسران قولان حكاهما أبو حامد في جامعه تخريجا : أحدهما : أنه لرب المال وعليه كالحادث عن مقارضته من دين على غيره ، فعلى هذا تبرأ ذمة العامل من الدين إذا اتجر به ، والقول الثاني : وهو الأصح أن الربح ، والخسران للعامل وعليه دين رب المال ، ولا يبرأ بالتجارة من دين رب المال .

                                                                                                                                            والفرق بين كون الدين عليه وبين كونه على غيره أن قبضه من غيره صحيح ؛ لأنه وكيل فيه لرب المال فعاد الربح ، والخسران على رب المال لحدوثهما عن ملكه ، وقبضه من نفسه فاسد لأنه يصير مبرئا لنفسه بنفسه فعاد الربح ، والخسران عليه دون رب المال لحدوثهما عن ملكه ؛ لأنه في كل واحد من الموضعين يعود الربح ، والخسران على من له المال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية