الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أو يشترط أن لا يشتري إلا من فلان ، أو لا يشتري إلا سلعة بعينها واحدة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن القراض ضربان : عام وخاص :

                                                                                                                                            [ ص: 314 ] فالعام : أن يقارضه على أن يتجر فيما أراد من أصناف الأمتعة وأنواع العروض . فيجوز أن يشتري ما علم فيه صلاحا من ذلك .

                                                                                                                                            والخاص : أن يقارضه على أن يتجر في الثمار ، أو في الأقوات ، أو في الثياب فيكون مقصورا على شراء ما عين عليه دون غيره .

                                                                                                                                            فإن عقده عاما ثم خصه في نوع بعينه صار خاصا ، ولو عقده خاصا في نوع ثم جعله عاما في كل نوع صار عاما ؛ لأنه ينعقد جائزا وليس ينعقد لازما .

                                                                                                                                            وأما إذا قارضه على شراء ثوب بعينه ، أو عبد بعينه ، أو عرض بعينه كان القراض باطلا ؛ لأنه قد يتلف ذلك المعين فلا يقدر على شراء غيره ، أو قد لا يباع إلا بما لا فضل في ثمنه . وهكذا لو قارضه على ألا يشتري إلا من فلان ، أو لا يبيع إلا على فلان كان القراض باطلا ؛ لأن فلانا قد يموت قبل مبايعته ، وقد لا يرغب في مبايعته ، أو لا يبايعه إلا بما لا فضل في ثمنه .

                                                                                                                                            وهكذا لو قارضه على ألا يبيع ويشتري إلا في دكان بعينه كان القراض باطلا ؛ لأنه قد ينهدم ذلك الدكان ، أو قد يغلب عليه ، أو قد لا يبايع منه .

                                                                                                                                            فأما إذا قارضه على ألا يبيع ويشتري إلا في سوق كذا جاز بخلاف الدكان المعين ؛ لأن السوق العامة كالنوع العام ، والدكان المعين كالعرض المعين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية