فصل : فإذا صح بما ذكرنا من  ثبوت النسب بإقرار الورثة   فالأنساب ضربان :  
ضرب لا يدخل بين المتداعيين له وسيط في لحوقه ، وضرب يدخل بين المتداعيين وسيط في لحوقه .  
فأما الضرب الأول وهو ما لا يدخل بين متداعييه وسيط في لحوقه فشيئان :  
أحدهما : الابن في ادعاء البنوة .  
والثاني : الأب في ادعاء الأبوة .  
لأن لحوق أنسابهما مباشرة لا يتفرع عن أصل يجمع بين النسبين ، ولا يدخل بينهما وسيط في لحوق المتداعيين ، والأولى في ادعاء مثل هذا النسب إن كان الابن هو المدعي أن يقول لمن ادعاه أبا : أنا ابنك ، ويقول الأب لمن ادعاه ابنا : أنت ابني ؛ لأن النسب يرجع إلى الأب فأضيفت الدعوى فيه إليه فلو قال الابن : أنت أبي ، وقال الأب أنا أبوك ، صحت الدعوى حكما وإن فسدت اختيارا ؛ لأن في كل واحد من الأبوة ، والبنوة دليل على الآخر .  
وإذا كان كذلك فلا يخلو إما أن يكون المدعي هو الأب ، أو الابن .  
فإن كان المدعي هو الابن فلا تسمح دعواه بعد أن يكون من أهل الدعوى بالبلوغ ، والعقل إلا بشرطين مضيا .  
أحدهما : جهالة النسب .  
 [ ص: 96 ] والثاني : جواز أن يولد مثله لمثله .  
وبشرط آخر في الأب المدعي وهو العقل الذي يصح معه الإقرار ، إلا أن يكون للابن بينة فتسمع دعواه وإن كان الأب مجنونا .  
فإذا كملت هذه الشرائط الأربع : ثلاثة منها فيه وهو :  
أن يكون من أهل الدعوى .  
وأن يكون مجهول النسب .  
وأن يجوز ولادة مثله لمثله .  
ورابع في الأب وهو أن يكون ممن تصح عليه الدعوى .  
سمعت حينئذ وسئل الأب عنها فإن أنكره فعليه اليمين فإن حلف الأب على إنكاره انتفى عنه ، ولم يكن لأحد من عصبات الأب أن يقر بنسبه سواء كان الأب حيا ، أو ميتا لبطلان النسب بيمين الأب . وإن اعترف الأب بدعواه وأقر ببنوته لحق به وصار ولدا له صحيحا كان عند الإقرار ، أو مريضا ، صدقه العصبة ، والورثة عليه ، أو لأخ سواء كان الابن ممن يرث باجتماعهما على الحرية ، والدين ، أو كان غير وارث لاختلافهما برق ، أو في دين ، حجب الورثة ، أو لم يحجبهم : فلو عاد الأب بعد إقراره فأنكره فإن لم يتابعه الابن على الإنكار ونفي النسب وأقام على الدعوى فهو على نسبه في اللحوق به يرثه إن مات ويرث سائر عصباته .  
وإن تابعه الابن على الإنكار وصدقه على نفي النسب فإن كان الفراش معروفا لم ينتف النسب باجتماعهما على نفيه ، وإن كان الفراش مجهولا فالنسب ملحق بالإقرار المتقدم وفي رفعه باجتماعهما على نفيه وجهان حكيناهما :  
أحدهما : وهو قول  أبي علي الطبري   وطائفة ينتفي النسب وترتفع الأبوة .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي حامد الإسفراييني   وطائفة أن النسب على ثبوته لا يرتفع وإن اجتمعا على نفيه كما لا يجوز ارتفاع ما ثبت بالفراش المعروف وإن اجتمعا على نفيه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					