الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والضرب الثاني في الأصل : أن يكون ظهور البائع على العيب قبل أخذ الشفيع ففي أحقهما بالشفعة وجهان من اختلاف الوجهين ، في الشقص إذا كان صداقا وتنازعه الشفيع ، والزوج المطلق قبل الدخول : [ ص: 293 ] أحد الوجهين :

                                                                                                                                            أن البائع أحق إذا قيل إن الزوج هناك أحق ، فعلى هذا تبطل الشفعة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الشفيع أحق إذا قيل إنه بالصداق أحق ، فعلى هذا يرجع البائع على المشتري بقيمة الشقص ثم فيما يأخذه الشفيع به وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يأخذه بقيمة العبد الذي كان ثمنا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يأخذه بقيمة الشقص الذي صار معروفا .

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله : " وإن استحق العبد بطلت الشفعة ورجع البائع فأخذ شقصه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن استحقاق الثمن يوجب إبطال البيع ، وبطلان البيع يوجب بطلان الشفعة ، وبطلان الشفعة يوجب استرجاع الشقص فصار استحقاق الثمن مخالفا لظهور العيب به الموجب لفسخه دون إبطاله .

                                                                                                                                            قال المزني رحمه الله : " ولو صالحه من دعواه على شقص لم يجز في قول الشافعي إلا أن يقر المدعى عليه بالدعوى فيجوز ، وللشفيع أخذ الشفعة بمثل الحق الذي وقع به الصلح إن كان له مثل ، أو قيمته إن لم يكن له مثل " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : والصلح ضربان : صلح عن إنكار فهو باطل ، ولا شفعة فيه ، وصلح عن إقرار فهو جائز ، والشفعة فيه واجبة وهو ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يدعي رجل شقصا في يد رجل فيصالحه منه بعد إقراره به على ألف ، أو عبد فيصير المدعى عليه مشتريا للشقص بالألف ، أو بالعبد فللشفيع أن يأخذه من المدعى عليه بمثل الألف ، أو بقيمة العبد .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يدعي رجل على رجل ألفا ، أو عبدا فيصالحه منه بعد إقراره به على شقص فيصير المدعي مشتريا للشقص بالألف ، أو بالعبد فللشفيع أن يأخذه من المدعي بمثل الألف ، أو بقيمة العبد ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية