[ ص: 305 ] مختصر القراض إملاء ، وما دخل في ذلك من كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى
قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " وروي عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صير ربح ابنيه في المال الذي تسلفاه
بالعراق فربحا فيه
بالمدينة فجعله قراضا عندما قال له رجل من أصحابه : لو جعلته قراضا ففعل وأن
عمر رضي الله عنه دفع مالا قراضا في النصف " .
قال
الماوردي : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=5926القراض والمضاربة اسمان لمسمى واحد ، فالقراض لغة
أهل الحجاز ، والمضاربة لغة
أهل العراق .
وفي تسميته قراضا تأويلان : أحدهما : وهو تأويل البصريين أنه سمي بذلك ؛ لأن رب المال قد قطعه من ماله ، والقطع يسمى قراضا ، ولذلك سمي سلف المال قرضا ، ومنه سمي المقرض مقراضا ؛ لأنه يقطع ، وقيل : قرض الفار ؛ لأنه قطع الفار .
والتأويل الثاني وهو تأويل البغداديين أنه سمي قراضا ؛ لأن لكل واحد منهما صنعا كصنع صاحبه في بذل المال من أحدهما ووجود العمل من الآخر ، مأخوذ من قولهم قد تقارض الشاعران إذا تناشدا .
وأما المضاربة ففي تسميتها بذلك تأويلان : أحدهما أنها سميت بذلك ؛ لأن كل واحد منهما يضرب في الربح بسهم ، والثاني أنها سميت بذلك ؛ لأن العامل يتصرف فيها برأيه واجتهاده مأخوذ من قولهم فلان يصرف الأمور ظهرا لبطن ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض ، النساء : 101 ] أي تفرقتم فيها بالسفر وهذا تأويل تفرد به بعض البصريين ، ويشارك في الأول البغداديون وباقي البصريين .
[ ص: 305 ] مُخْتَصَرُ الْقِرَاضِ إِمْلَاءً ، وَمَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى
قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : " وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَيَّرَ رِبْحَ ابْنَيْهِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَسَلَّفَاهُ
بِالْعِرَاقِ فَرَبِحَا فِيهِ
بِالْمَدِينَةِ فَجَعَلَهُ قِرَاضًا عِنْدَمَا قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا فَفَعَلَ وَأَنَّ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَفَعَ مَالًا قِرَاضًا فِي النِّصْفِ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=5926الْقِرَاضَ وَالْمُضَارَبَةَ اسْمَانِ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ ، فَالْقِرَاضُ لُغَةُ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَالْمُضَارَبَةُ لُغَةُ
أَهْلِ الْعِرَاقِ .
وَفِي تَسْمِيَتِهِ قِرَاضًا تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا : وَهُوَ تَأْوِيلُ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ قَطَعَهُ مِنْ مَالِهِ ، وَالْقَطْعُ يُسَمَّى قِرَاضًا ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ سَلَفُ الْمَالِ قَرْضًا ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْمُقْرِضُ مِقْرَاضًا ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ ، وَقِيلَ : قَرْضُ الْفَارِ ؛ لِأَنَّهُ قَطْعُ الْفَارِ .
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي وَهُوَ تَأْوِيلُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ سُمِّيَ قِرَاضًا ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صُنْعًا كَصُنْعِ صَاحِبِهِ فِي بَذْلِ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوُجُودِ الْعَمَلِ مِنَ الْآخَرِ ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ إِذَا تَنَاشَدَا .
وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَفِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ تَأْوِيلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِسَهْمٍ ، وَالثَّانِي أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُصَرِّفُ الْأُمُورَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، النِّسَاءِ : 101 ] أَيْ تَفَرَّقْتُمْ فِيهَا بِالسَّفَرِ وَهَذَا تَأْوِيلٌ تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ ، وَيُشَارِكُ فِي الْأَوَّلِ الْبَغْدَادِيُّونَ وَبَاقِي الْبَصْرِيِّينَ .