مسألة : قال  الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " ومعلم الكتاب والآدميين مخالف لراعي البهائم وصناع الأعمال : لأن الآدميين يؤدبون بالكلام فيتعلمون ، وليس هكذا مؤدب البهائم ، فإذا ضرب أحدا من الآدميين لاستصلاح المضروب أو غير استصلاحه فتلف ، كانت فيه دية على عاقلته ، والكفارة في ماله " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال .  يجوز لمعلم الصبيان أن يؤدبهم بالضرب استصلاحا لهم   وهكذا الأب في ولده ، والزوج عند نشوز امرأته ، فإن تعدى أحد هؤلاء في الضرب إلى أن خرج فيه إلى حد التلف فهو قاتل عمدا يجب عليه القود ، إلا الوالد في ولده فتلزمه الدية دون القود ، ولم يتجاوز واحد الاستصلاح فحدث منه التلف فلا قود : لأنه خطأ شبه العمد ، والضارب ضامن لدية المضروب على عاقلته ، والكفارة في ماله .  
وقال  أبو حنيفة      : إذا  ضرب المعلم الصبي بأمر أبيه لم يضمن   ، ولو ضربه الأب بنفسه ضمن . وقال  أبو يوسف   ومحمد      : الأب لا يضمن ، والمعلم يضمن . وهذا من قول  أبي حنيفة   ، وإن كان كلا القولين فاسدا لاتفاقهم على أن الزوج يضمن ما حدث من استصلاح زوجته بالضرب المباح ، وكذلك الأب والمعلم ، فإن قيل : فلم ضمن من هو مباح الضرب ، وما حدث عن المباح صار كالرائض لا يضمن الدابة إذا ضربها ، قيل : المباح من ضرب الآدميين في استصلاحهم ما لم يفض إلى التلف ، فإذا أفضى إلى التلف صار غير مباح ، والفرق بينه وبين رائض البهائم ما ذكره  الشافعي   أن الآدميين قد يؤدبون بالكلام ، فكان له إلى استصلاحهم سبيل بغير الضرب ؛ فلذلك لزم الضمان إن حدث من ضربهم تلف ، والبهائم لا سبيل إلى استصلاحها إلا بالضرب فلم يجد الرائض إلى تركه سبيلا فلم يضمن . 
				
						
						
