مسألة : ( قال
المزني ) رحمه الله : " وإذا كان الفراق عن تراض ولا يكون إلا بالزوج والعقد صحيح ليس في أصله علة فالقياس عندي أنه طلاق ومما يؤكد ذلك قول
الشافعي رحمه الله " .
قال
الماوردي : وهذا الفصل أورده
المزني مريدا به أمرين :
أحدهما : أن
nindex.php?page=treesubj&link=11645الخلع طلاق وقد مضى الكلام فيه .
والثاني : أن
nindex.php?page=treesubj&link=11644الخلع يصح عند سلطان وغير سلطان إذا تراضيا به الزوجان . وقد نص
الشافعي على ذلك في كتاب الأم
nindex.php?page=treesubj&link=11644وليس حضور السلطان ولا إذنه شرطا فيه وهو قول
[ ص: 11 ] جمهور الفقهاء . وحكي عن
الحسن البصري ومحمد بن سيرين . أن الخلع لا يصح إلا بسلطان احتجاجا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به [ البقرة : 229 ] .
وأول الكلام خطاب للحكام وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فإن خفتم ألا يقيما حدود الله وآخره خطاب للأزواج ، وهو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فلا جناح عليهما فيما افتدت به فدل على أن حضور الحاكم شرط فيه كما أن حضور الأزواج شرط فيه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم تولى الخلع بين
حبيبة وثابت ولو جاز لهما التفرد بذلك لوكله إليهما ودليلنا قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فكان على عمومه وروى
عبد الله بن شهاب أن امرأة خالعت زوجها بألف درهم فرفع ذلك إلى
عمر رضي الله عنه فأجازه ، وخالعت
nindex.php?page=showalam&ids=10718الربيع بنت معوذ بن عفراء زوجها بجميع ملكها فأجازه
عثمان وأمره أن يأخذ ما دون عقاص الرأس ولأنه عقد معاوضة فلم يفتقر إلى حكم حاكم كالبيع والنكاح ، ولأنه تملك البضع بالنكاح لا يفتقر إلى حكم حاكم ، فكذلك تمليكه بالخلع أولى ألا يفتقر إلى حكم حاكم لأن شروط النكاح أغلظ من شروط الخلع .
فأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فهو خطاب للأزواج لأنه معطوف به على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا وهذا خطاب للأزواج ، وكذلك المعطوف عليه فلم يكن في الآية دليل .
وأما خلع النبي صلى الله عليه وسلم بين
حبيبة وزوجها فلأنهما تخاصما إليه قبل الخلع ، فصار الخلع تبعا للتخاصم ، ولأن بيان حكم الخلع شرعا مأخوذ عنه ، فجاز أن يتولاه وليس كذلك غيره من حكام أمته .
مَسْأَلَةٌ : ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَإِذَا كَانَ الْفِرَاقُ عَنْ تَرَاضٍ وَلَا يَكُونُ إِلَّا بِالزَّوْجِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ لَيْسَ فِي أَصْلِهِ عِلَّةٌ فَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ طَلَاقٌ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا الْفَصْلُ أَوْرَدَهُ
الْمُزَنِيُّ مُرِيدًا بِهِ أَمْرَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11645الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11644الْخُلْعَ يَصِحُّ عِنْدَ سُلْطَانٍ وَغَيْرِ سُلْطَانٍ إِذَا تَرَاضَيَا بِهِ الزَّوْجَانِ . وَقَدْ نَصَّ
الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأُمِّ
nindex.php?page=treesubj&link=11644وَلَيْسَ حُضُورُ السُّلْطَانِ وَلَا إِذْنُهُ شَرْطًا فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ
[ ص: 11 ] جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ . وَحُكِيَ عَنِ
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ . أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِسُلْطَانٍ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ [ الْبَقَرَةِ : 229 ] .
وَأَوَّلُ الْكَلَامِ خِطَابٌ لِلْحُكَّامِ وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَآخِرُهُ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُضُورَ الْحَاكِمِ شَرْطٌ فِيهِ كَمَا أَنَّ حُضُورَ الْأَزْوَاجِ شَرْطٌ فِيهِ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَلَّى الْخُلْعَ بَيْنَ
حَبِيبَةَ وَثَابِتٍ وَلَوْ جَازَ لَهُمَا التَّفَرُّدُ بِذَلِكَ لَوَكَلَهُ إِلَيْهِمَا وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=4فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ وَرَوَى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ أَنَّ امْرَأَةً خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَجَازَهُ ، وَخَالَعَتِ
nindex.php?page=showalam&ids=10718الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ زَوْجَهَا بِجَمِيعِ مِلْكِهَا فَأَجَازَهُ
عُثْمَانُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا دُونَ عِقَاصِ الرَّأْسِ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ ، وَلِأَنَّهُ تَمَلَّكَ الْبُضْعَ بِالنِّكَاحِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ ، فَكَذَلِكَ تَمْلِيكُهُ بِالْخُلْعِ أَوْلَى أَلَّا يَفْتَقِرَ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّ شُرُوطَ النِّكَاحِ أَغْلَظُ مِنْ شُرُوطِ الْخُلْعِ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَهُوَ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا وَهَذَا خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ ، وَكَذَلِكَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ .
وَأَمَّا خُلْعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ
حَبِيبَةَ وَزَوْجِهَا فَلِأَنَّهُمَا تَخَاصَمَا إِلَيْهِ قَبْلَ الْخُلْعِ ، فَصَارَ الْخُلْعُ تَبَعًا لِلتَّخَاصُمِ ، وَلِأَنَّ بَيَانَ حُكْمِ الْخُلْعِ شَرْعًا مَأْخُوذٌ عَنْهُ ، فَجَازَ أَنْ يَتَوَلَّاهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ حُكَّامِ أُمَّتِهِ .