الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا قلنا بالأول أن الكتابة ليست صريحا ولا كناية ، فلا يقع بها الطلاق وإن نواه من حاضر ولا غائب ، وكذلك العتق ، فإن قلنا بالثاني في أن الكتابة كناية يقع بها الطلاق إذا اقترنت بالنية ، ولا يقع بها الطلاق إذا تجردت عن النية ، فكذلك العتق ، ويصح بها الطلاق والعتاق من الغائب ، وهل يصح من الحاضر أم لا ؟ فيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يصح من الحاضر كما يصح من الغائب ، لأن كنايات الطلاق والعتاق من الحاضر والغائب سواء ، فكذلك الكتابة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يصح بها الطلاق والعتاق ، من الحاضر والغائب لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها من الغائب ضرورة كإشارة الأخرس ، ومن الحاضر غير ضرورة كإشارة الناطق .

                                                                                                                                            والثاني : أنها مستعملة في عرف الغائب ، وغير مستعملة في عرف الحاضر ، فأما [ ص: 169 ] الظهار بالكتابة فهو كالطلاق على قولين ، وأما الإيلاء بالكتابة فلا يصح قولا واحدا ، لأن الإيلاء يمين بالله تعالى لا ينعقد بالكناية ، وأما عقد البيع والإجابة بالكتابة ، فإن قيل إن الطلاق لا يقع بهما ولا يكون كناية فيه فأولى ألا ينعقد بها بيع ولا إجارة ، وإن قيل : إن الطلاق يقع بها ، وإنها كناية فيه ، ففي عقد البيع والإجارة بهما وجهان ، من اختلاف أصحابنا في عقد البيع والإجارة بصريح العقد وكنايته على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تصح بالكتابة ، إذا قيل إنه لا تصح بالكنايات .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه تصح بالكتابة إذا قيل إنه تصح بالكنايات .

                                                                                                                                            وقد حكى أبو حامد المروزي : أنه وجد نصا عن الشافعي ، أنه إذا كتب إلى رجل في بلد أني قد بعتك داري فيه بكذا صح البيع ، إذا قبله المكاتب إليه ، وكان له الخيار ما لم يفارق مجلسه . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية