الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحكم الآخر أن يؤخذ ببيان الحنث ، هل كان في طلاق النساء أو عتق الإماء وإن كان عنده بيان فإن بين شيئا قبل منه : لأنه لما كان مقبول القول في وقوع العتق والطلاق كان مقبول البيان في الصفة التي يقع بها العتق والطلاق ، فإن قال : كان الحنث بطلاق النساء ، لأن الطائر كان غرابا طلق النساء بإقراره ، فإن صدقه الإماء كن على رقهن ، ولا يمين ، عليه ، وإن كذبنه حلف لهن وكن على رقهن ، فإن نكل عن اليمين لهن ، ردت اليمين عليهن ، فإذا حلفن عتقن بأيمانهن بعد نكوله وطلق النساء بإقراره فلو أكذبنه ولم يكن إحلافه ، فهل يحلفه الحاكم أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يحلفه : لأن في عتقهن حقا لله تعالى .

                                                                                                                                            والثاني : لا يحلفه لأن قولهن في تصديقه مقبول بغير يمين ، ولو تجرد في حق الله تعالى يحلفن إن صدقه فدل على أنه من حقوقهن ، وإن قال : كان الحنث بعتق [ ص: 276 ] الإماء : لأن الطائر لم يكن غرابا عتق الإماء وإن صدقنه النساء ، وإلا حلف لهن ، ثم هن بعد إمائه زوجات ، فإن نكل عن اليمين لهن ردت اليمين عليهن ، فإذا حلفن طلقن بأيمانهن بعد نكوله ، وعتق الإماء بإقراره ، وإن أمسك عن البيان فلم يبين طلاق النساء ، ولا عتق الإماء نظر في إمساكه ، فإن كان مع علمه بالحال حبس لهن حتى يبين ، وإن كان إمساكه عن البيان لجهله بالحال لم يحبس ، وكان النساء والإماء موقوفات على التحريم ما بقي حتى يموت ، فلو قال : أمسكت عن البيان لخفائه علي ، وقلن بل أمسك عنه مع علمه به ، أحلف لهن ولم يحبسن ، وإن نكل عن اليمين ردت عليهن ويحبس لهن ، ورجع إلى بيانهن إن كان عندهن علم ، كما يجوز رد اليمين عليهن ، فإذا نكل عن اليمين لهن ، فإن اتفق الفريقان على أن الحنث كان بطلاق النساء لأن الطائر كان غرابا حلف النساء ، ولم يحلف الإماء ، وطلق النساء بأيمانهن ولم يعتق الإماء : لشك السيد في عتقهن .

                                                                                                                                            وإن اتفقوا على أن الحنث كان بعتق الإماء ، لأن الطائر لم يكن غرابا حلفن دون النساء ، وعتقن بأيمانهن ، ولم يحل النساء لشك الزوج في طلاقهن .

                                                                                                                                            وإن اختلف الفريقان فادعى النساء الحنث بطلاقهن ، لأن الطائر كان غرابا ، وادعى الإماء أن الحنث بعتقهن لأن الطائر لم يكن غرابا ، حلف كل واحد من الفريقين على ما ادعاه وطلق النساء بأيمانهن وعتق الإماء بأيمانهن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية