الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا قال : أنت طالق إن شاء زيد ، فكان وقوعه موقوفا على مشيئته ، فإن شاء طلقت وإن لم يشأ لم تطلق ، وإن مات زيد قبل أن تعلم مشيئته لم تطلق ، وهكذا لو كان زيد ميتا قبل طلاقه لم تطلق ، فلو قال : أنت طالق إلا أن يشاء زيد ، فإن شاء زيد لم تطلق ، وإن لم يشأ طلقت ، فإن مات زيد قبل أن تعلم مشيئته ، كان على [ ص: 261 ] الوجهين : فإن قال : أنت طالق إن شاء الله وشئت ، فقالت : قد شئت لم تطلق : لأنه قيد وقوع طلاقها بشرطين هما مشيئة الله ومشيئتها ، ومشيئة الله لا تعلم وإن علمت مشيئتها ، فلذلك لم يقع الطلاق .

                                                                                                                                            فلو قال : أنت طالق إن شاء زيد ، وكان زيد مجنونا فقال : قد شئت لم تطلق : لأن المجنون لا مشيئة له ، ولو كان سكران فشاء طلقت : لثبوت الأحكام بأقواله ، ويحتمل وجها آخر : أنها لا تطلق لأن سكره يوجب تغليظ الحكم على نفسه ، ولا يوجب تغليظه على غيره ، ولو قال : أنت طالق إن شاء زيد وكان أخرس فشاء بالإشارة طلقت ، ولو كان ناطقا فخرس فشاء بالإشارة ، قال أبو حامد الإسفراييني لم تطلق : لأن مشيئته وقت الطلاق كانت نطقا فلم تثبت بالإشارة وهذا عندي غير صحيح : لأن إشارة الأخرس تقوم مقام نطقه مع العجز وقت البيان ولا اعتبار بما تقدم الأمر ، أن لو كان أخرس في وقت الطلاق ناطقا في وقت البيان ، لم يصح منه إلا بالنطق دون الإشارة وإن صحت منه في وقت الطلاق بالإشارة كذلك إذا كان ناطقا فخرس ، فلو قال : أنت طالق إن شاء الحمار ، فهذا من الشروط المستحيلة لأنه لا مشيئة للحمار ، فجرى مجرى قوله : أنت طالق إن صعدت السماء ، فيكون لوقوع الطلاق فيه على ما مضى من الوجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية