الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو أخذ منها ألفا على أن يطلقها إلى شهر فطلقها فالطلاق ثابت ولها الألف وعليها مهر مثلها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كلام محتمل قد اختلف أصحابنا في تأويله ويتضمن أربع مسائل تستوفي جميع تأويلاته :

                                                                                                                                            إحداهن : أن يأخذ منها ألفا على أن يطلقها بعد شهر ، فهذا خلع فاسد لمعنيين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه سلم في طلاق والسلم فيه لا يصح .

                                                                                                                                            والثاني : أنه عقد على غير شرط فيه التأخير ، وهذا لا يصح ، فإذا فعل هذا وطلقها بعد شهر فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يطلقها بعد رد الألف عليها بعد التنازع وفساد الخلع ، والحكم يرد الألف فالطلاق رجعي ، ولا شيء له ، لأن القضاء برد الألف يرفع حكم العقد فصار كالمطلق بغير عقد .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : ألا يسترجع منه الألف ، ولا يقضى عليه بردها حتى يطلقها فينظر في زمان طلاقه ، فإن كان قبل مضي شهر فهو طلاق في غير خلع ، لأن عقد الخلع كان على إيقاع الطلاق فيه بعد شهر ، فعلى هذا يكون رجعيا لا يستحق فيه عوض ، وإن كان الطلاق بعد مضي شهر ، فهو طلاق في خلع فاسد ، فيكون الطلاق بائنا لا رجعة فيه ، [ ص: 74 ] لبقاء العقد على فساده ، ويستحق فيه البدل ، فعلى هذا اختلف أصحابنا هل يصير العوض بهذا الفساد مجهولا أم لا ؟ .

                                                                                                                                            فقال البغداديون : قد أفضى ذلك إلى جهالته لأن الأجل المشروط فيه يأخذ منه حظا مجهولا فصار الباقي منه مجهولا فعلى هذا يكون له عليها مهر المثل قولا واحدا لأن العوض المجهول لا مثل له ولا قيمة . وقال البصريون العوض معلوم لا جهالة فيه لأن الطلاق قد وقع في أجله المشروط فلم يحتج إلى سقوط ما قابله من العوض فكان معلوما فعلى هذا يكون فيما يرجع به عليها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : مهر المثل .

                                                                                                                                            والثاني : مثل الألف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية