الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا تقرر ما ذكرنا فلا يخلو حال الخلع بالخمر من أن يكون معينا أو غير معين فإن كان غير معين فهو ما مضى ، وهو أن يقول : إن أعطيتني خمرا فأنت طالق ، فإذا أعطته الخمر طلقت ووجب له عليها مهر المثل ، وإن كان الخمر عينا فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعجل به الطلاق وكأنه قال لها : أنت طالق على أن تعطيني هذا الخمر فقد طلقت ولا يستحق عليها ذلك الخمر ، وهل يستحق عليها مهر مثلها أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يستحقه كما كان الخمر غير معين فعلى هذا يقع الطلاق بائنا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا يستحق مع تعيين الخمر مهر المثل ، لأنه لما عين تملك ذلك الخمر فقد عين ألا يتملك ما سوى الخمر فلذلك سقط حقه من بدله ، ولم يسقط مع ترك التعيين حقه من البدل ، فعلى هذا يقع الطلاق رجعيا ، لأنه لم يملك بدلا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يجعل الطلاق معلقا بدفعه .

                                                                                                                                            مثاله أن يقول : إن أعطيتني هذا الخمر فأنت طالق فإذا أعطته ذلك ففي وقوع طلاقه به وجهان بناء على ما مضى من الوجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : تطلق به إذا قيل : إنه لو عجل طلاقها به رجع بمهر المثل كذلك هاهنا تطلق بدفعه وترجع بمهر المثل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا تطلق بدفعه إذا قيل : إنه لو عجل طلاقها به لم يرجع عليها بشيء ، والفرق بين ألا يعين الخمر فتطلق وبين أن يعين الخمر فلا تطلق أن المقصود بالتعيين التمليك وبالإطلاق الصفة والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية