الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما وصفنا من تمهيد هذه الأصول ، كان الاستثناء في الطلاق مبنيا عليها . فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة ، طلقت اثنتين ، لبقائها بعد استثنائها الواحدة .

                                                                                                                                            ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا واحدة اثنتين ، طلقت واحدة لبقائها بعد الاستثناء للاثنتين . ولو قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ، طلقت ثلاثا لإيقاعها بعد استثنائها ولو قال : أنت طالق خمسا إلا ثلاثا . ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تطلق ثلاثا ، لأنه لا يملك من الطلاق إلا ثلاثا ، والزيادة عليها من الخمس لغو فصار كأنه قال : أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا ، فطلقت ثلاثا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وقد حكاه البويطي عن الشافعي أنها تطلق اثنتين ، لأن الخمس لغو إذا لم يتعقبها استثناء ، فأما مع الاستثناء فلا تكون لغوا لأن الباقي هو المقصود ، فخرجت عن حكم اللغو ، فعلى هذا لو قال : أنت طالق خمسا إلا اثنتين ، طلقت على الوجه الأول واحدة لعود الاستثناء إلى الثلاث ، وعلى الوجه الثاني : تطلق ثلاثا لعود الاستثناء إلى الخمس . ولو قال : أنت طالق أربعا إلا اثنتين ، طلقت على الوجه الأول واحدة ، وعلى الوجه الثاني اثنتين ، ولكن لو قال : أنت طالق ستا إلا ثلاثا ، طلقت ثلاثا على الوجهين ، لأن الاستثناء إن عاد إلى الست فقد أبقى ثلاثا ، وإن عاد إلى الثلاث فقد استثنى جميعها فلم يصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية