الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو كان له زوجتان حفصة وعمرة ، فنادى حفصة فأجابته عمرة ، فقال لها : أنت طالق فله في ذلك خمسة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يعلم حين نادى حفصة أن التي أجابته عمرة ويريد بالطلاق حفصة [ ص: 296 ] دون عمرة ، فتطلق حفصة في الظاهر والباطن ، لتسميتها وإرادته وتطلق عمرة في الظاهر دون الباطن لإشارته .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يعلم حين نادى حفصة أن التي أجابته عمرة ، ويريد عمرة بالطلاق دون حفصة فتطلق عمرة في الظاهر والباطن ، لإشارته مع إرادته ، وتطلق حفصة في الظاهر دون الباطن لتسميته .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن لا يعلم حين نادى حفصة أن التي أجابته عمرة ، ويريد بالطلاق حفصة دون عمرة المشار إليها ، طلق حفصة ظاهرا وباطنا لتسميتها وإرادته ، ولا تطلق عمرة ، لأن الإشارة إذا تجردت عن معرفة المشار إليه وعن إرادته ، كانت التسمية مع الإرادة أقوى منها وسقط بالتسمية والإرادة حكمها .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن لا يعلم حين نادى حفصة أن التي أجابته عمرة ويريد بالطلاق التي أشار إليها يظنها حفصة ، طلقت كل واحدة منهما في الظاهر دون الباطن ، أما حفصة فطلقت في الظاهر للتسمية مع ظنه أن المشار إليها وهي حفصة ، ولم تطلق في الباطن لإرادته عمرة بالإشارة ، وأما عمرة فطلقت بإشارته وإرادته ، ولم تطلق في الباطن لندائه حفصة وظنه أنها حفصة .

                                                                                                                                            والحال الخامسة : أن لا ينادي حفصة ويشير بالطلاق إلى عمرة يريدها بالطلاق ، ويظنها حفصة ، طلقت عمرة ظاهرا وباطنا ، لأنه قد أرسل عن تسمية غيرها فلذلك وقع طلاقها ظاهرا وباطنا ولم تطلق حفصة في الظاهر ولا في الباطن ، لأنها غير مسماة ولا مشار إليها ، والظن إذا تجرد عن تسمية وإشارة ، لم يتعلق به حكم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية