الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( أخبر الربيع ) قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى قال : الأجراء كلهم سواء ، فإذا nindex.php?page=treesubj&link=26457_6086تلف في أيديهم شيء من غير جنايتهم فلا يجوز أن يقال فيه إلا واحد من قولين أحدهما أن يكون كل من أخذ إكراء على شيء كان له ضامنا يؤديه على السلامة ، أو يضمنه ، أو ما نقصه ومن قال هذا القول فينبغي أن يكون من حجته أن يقول : الأمين هو من دفعت إليه راضيا بأمانته لا معطي أجرا على شيء مما دفعت إليه وإعطائي هذا الأجر تفريق بينه وبين الأمين الذي أخذ ما استؤمن عليه بلا جعل ، أو يقول قائل : لا ضمان على أجير بحال من قبل أنه إنما يضمن من تعدى فأخذ ما ليس له ، أو أخذ الشيء على منفعة له فيه إما بتسلط على إتلافه كما يأخذ سلفا فيكون مالا من ماله فيكون إن شاء ينفقه ويرد مثله .
وإما مستعير سلط على الانتفاع بما أعير فيضمن ; لأنه أخذ ذلك لمنفعة نفسه لا لمنفعة صاحبه فيه ، وهذان معا نقص على المسلف والمعير أو غير زيادة له والصانع والأجير من كان ليس في هذا المعنى فلا يضمن بحال إلا ما جنت يده كما يضمن المودع ما جنت يده وليس في هذا سنة أعلمها ، ولا أثر يصح عند أهل الحديث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي فيه شيء عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ليس يثبت عند [ ص: 39 ] أهل الحديث عنهما ، ولو ثبت عنهما لزم من يثبته أن يضمن الأجراء من كانوا فيضمن nindex.php?page=treesubj&link=6086_26457_26547أجير الرجل وحده والأجير المشترك والأجير على الحفظ والرعي وحمل المتاع والأجير على الشيء يصنعه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إن كان ضمن الصناع فليس في تضمينه لهم معنى إلا أن يكون ضمنهم بأنهم أخذوا أجرا على ما ضمنوا فكل من كان أخذ أجرا فهو في معناهم ، وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ضمن القصار والصائغ فكذلك كل صانع وكل من أخذ أجرة ، وقد يقال للراعي صناعته الرعية وللحمال صناعته الحمل للناس ، ولكنه ثابت عن بعض التابعين ما قلت أولا من التضمين ، أو ترك التضمين ، ومن ضمن الأجير بكل حال فكان مع الأجير ما قلت مثل أن يستحمله الشيء على ظهره أو يستعمله الشيء في بيته ، أو غير بيته ، وهو حاضر لماله ، أو وكيل له بحفظه فتلف ماله بأي وجه ما تلف به إذا لم يجن عليه جان فلا ضمان على الصانع ، ولا على الأجير .
وكذلك إن جنى عليه غيره فلا ضمان عليه والضمان على الجاني ، ولو غاب عنه ، أو تركه يغيب عليه كان ضامنا له من أي وجه ما تلف ، وإن كان حاضرا معه فعمل فيه عملا فتلف بذلك العمل وقال الأجير هكذا يعمل هذا فلم أتعد بالعمل وقال المستأجر ليس هكذا يعمل ، وقد تعديت وبينهما بينة ، أو لا بينة بينهما فإن كانت البينة سئل عدلان من أهل ذلك الصناعة ، فإن قالا هكذا يعمل هذا فلا يضمن ، وإن قالا هذا تعدى في عمل هذا ضمن كان التعدي ما كان قل أو كثر ، وإذا لم تكن بينة كان القول قول الصانع مع يمينه ثم لا ضمان عليه ، وإذا سمعتني أقول : القول قول أحد فلست أقوله إلا على معنى ما يعرف إذا ادعى الذي جعل القول قوله ما يمكن بحال من الحالات جعلت القول قوله ، وإذا ادعى ما لا يمكن بحال من الحالات لم أجعل القول قوله . ومن nindex.php?page=treesubj&link=26457_26451ضمن الصانع فيما يغيب عليه فجنى جان على ما في يديه فأتلفه فرب المال بالخيار في nindex.php?page=treesubj&link=26451_26457تضمين الصانع ; لأنه كان عليه أن يرده إليه على السلامة فإن ضمنه رجع به الصانع على الجاني ، أو يضمن الجاني فإن ضمنه لم يرجع به الجاني على الصانع ، وإذا ضمنه الصانع فأفلس به الصانع كان له أن يأخذ من الجاني وكان الجاني في هذا الموضع كالحميل ، وكذلك لو nindex.php?page=treesubj&link=26457_26451ضمنه الجاني فأفلس به الجاني رجع به على الصانع إلا أن يكون أبرأ كل واحد منهما عند تضمين الآخر فلا يرجع به وللصانع في كل حال ويرجع به على الجاني إذا أخذ من الصانع وليس للجاني أن يرجع به على الصانع إذا أخذ منه بحال .
قال : وإذا nindex.php?page=treesubj&link=6086_26459تكارى الرجل من الرجل على الوزن المعلوم والكيل المعلوم والبلد المعلوم فزاد الوزن ، أو الكيل ، أو نقصا وتصادقا على أن رب المال ولي الوزن والكيل .
قلنا : في الزيادة والنقصان لأهل العلم بالصناعة هل يزيد ما بين الوزنين وينقص ما بينهما . وبين الكيلين هكذا فيما لم تدخله آفة ؟ فإن قالوا نعم قد يزيد وينقص . قلنا في النقصان لرب المال قد يمكن عما زعم أهل العلم بلا جناية ، ولا آفة ، فلما كان النقص يكون ولا يكون ، قلنا : إن شئت أحلفنا لك الحمال ما خانك ، ولا تعدى بشيء أفسد متاعك ثم لا ضمان عليه وقلنا للحمال في الزيادة كما قلنا لرب المال في النقصان إذا كانت الزيادة قد تكون لا من حادث ، ولا زيادة ويكون النقصان وكانت ها هنا زيادة فإن لم تدعها فهي لرب المال ، ولا كراء لك فيها ، وإن ادعيتها أوفينا رب المال ماله تاما ، ولم نسلم لك الفضل إلا بأن تحلف ما هو من مال رب المال وتأخذه ، وإن كان زيادة لا يزيد مثلها أوفينا رب المال ماله وقلنا الزيادة لا يدعيها رب المال فإن كانت لك فخذها ، وإن لم تكن لك جعلناها كمال في يديك لا مدعي له وقلنا الورع أن لا تأكل ما ليس لك فإن ادعاها رب المال وصدقته كانت الزيادة له وعليه كراء مثلها ، وإن كنت أنت الكيال للطعام بأمر رب الطعام ، ولا أمين معك قلنا لرب الطعام هو يقر بأن هذه الزيادة لك . فإن ادعيتها فهي لك وعليك في المكيلة التي اكتريت عليها ما سميت من الكراء وعليك اليمين ما [ ص: 40 ] رضيت أن يحمل لك الزيادة ثم هو ضامن لأن يعطيك مثل قمحك ببلدك الذي حمل ; لأنه متعد إلا بأن ترضى أن تأخذه من موضعك فلا يحال بينك وبين عين مالك ، ولا كراء عليك بالعدوان ، وإن قلت رضيت بأن يحمل لي مكيلة بكراء معلوم وما زاد فبحسابه فالكراء في المكيلة جائز ، وفي الزيادة فاسد والطعام لك وله كراء مثله في كله فإن كان نقصان لا ينقص مثله ، فالقول فيه كالقول في المسألة الأولى . فمن رأى nindex.php?page=treesubj&link=26459_6086تضمين الحمال ضمن ما نقص عن المكيلة لا يرفع عنه شيئا ، ومن لم ير تضمينه لم يضمنه وطرح عنه من الكراء بقدر النقصان .