الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أرش الموضحة

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن { في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في الموضحة خمس } أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه ( قال الشافعي ) وبهذا نقول وفي الموضحة خمس من الإبل وذلك نصف عشر دية الرجل ( قال الشافعي ) والموضحة في الرأس والوجه . كله [ ص: 82 ] سواء ، وسواء مقدم الرأس ومؤخره فيها وأعلى الوجه وأسفله واللحى الأسفل باطنه وظاهره وما تحت شعر اللحية منها وما برز من الوجه ، كلها سواء ما تحت منابت شعر الرأس من الموضحة وما يخرج مما بين الأذن ومنابت شعر الرأس ( قال الشافعي ) ولا يكون في شيء من المواضح خمس من الإبل إلا في موضحة الرأس والوجه ; لأنهما اللذان يبدوان من الرجل فأما موضحة في ذراع أو عنق أو عضد أو ضلع أو صدر أو غيره فلا يكون فيها إلا حكومة . والموضحة على الاسم فما أوضح من صغير أو كبير عن العظم ففيه خمس من الإبل لا يزاد في كبير منها ولو أخذت قطري الرأس ولا ينقص منها ولو لم يكن إلا قدر محيط ; لأنه يقع على كل اسم موضحة ، وهكذا كل ما في الرأس من الشجاج فهو على الأسماء ولو ضرب رجل رجلا بشيء فشجه شجة موتصلة فأوضح بعضها ولم يوضح بعض كان فيها أرش موضحة فقط وكذلك لو لم تزد على أن خرق الجلد من موضح وبضع من آخر وأوضح من آخر ففيها أرش موضحة ; لأن هذه الشجة موتصلة ( قال الشافعي ) ولو بقي من الجلد شيء قل أو كثر لم ينخرق وإن ورم فاخضر وأوضح من موضعين والجلد الذي لم ينخرق حاجز بينهما كان موضحتين ، وكذلك لو كانت مواضح بينهما فصول لم تنخرق ( قال الشافعي ) ولو شجه فأوضحه موضحتين وبينهما من الجلد شيء لم ينخرق ، ثم تأكل فانخرق كانت موضحة واحدة ; لأن الشجة اتصلت من الجناية ولو اختلف الجاني والمجني عليه فقال المجني عليه : أنت شققت الموضع الذي لم يكن انشق من رأسي فلي موضحتان وقال الجاني : بل تأكل من جنايتي فانشق فالقول قول المجني عليه مع يمينه ; لأنه قد وجبت له موضحتان فلا يبطلهما إلا إقراره أو بينة تقوم عليه ولا يقص بموضحة إلا بإقرار الجاني أو بشاهدين يشهدان أن العظم قد برز حتى قرعه المرود وإن لم ير العظم ; لأن الدم قد يحول دونه أو شاهد وامرأتين بذلك ; لأن الدم يحول بينه وبين أن يرى ، أو شاهد يشهد على هذا ويمين المدعي إذا كانت الجناية خطأ فإن كانت عمدا لم يقبل فيها شاهد ويمين ولا شاهد وامرأتان ; لأن المال لا يجب إلا بوجوب القصاص ، وإذا اختلف الجاني والمجني عليه في الموضحة فالقول قول الجاني أنها لم توضح مع يمينه وعلى المجني عليه البينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية