الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 288 ] كراهية الاستمطار بالأنواء ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى أخبرنا عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال { : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا ، وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب } ( قال الشافعي ) : رسول الله صلى الله عليه وسلم " بأبي هو وأمي " هو عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معاني ، وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية ، وأرى معنى قوله ، والله أعلم أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل وأما من قال مطرنا بنوء كذا ، وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن النوء وقت ، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ، ولا لغيره شيئا ، ولا يمطر ، ولا يصنع شيئا فأما من قال : مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا بوقت كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا ، ولا يكون هذا كفرا ، وغيره من الكلام أحب إلي منه ( قال الشافعي ) : أحب أن يقول مطرنا في وقت كذا ، وقد روي عن عمر أنه قال يوم الجمعة ، وهو على المنبر : كم بقي من نوء الثريا ؟ فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء فدعا ، ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطرا حيي الناس منه ، وقول عمر هذا يبين ما وصفت لأنه إنما أراد : كم بقي من وقت الثرياء ؟ ليعرفهم بأن الله عز وجل قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد بما جربوا في أوقات ، وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح ، وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم قرأ { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها } ، وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه ، وقد مطر الناس فقال : أجاد ما أقرى المجدح البارحة ، فأنكر عمر قوله " أجاد ما أقرى المجدح " لإضافة المطر إلى المجدح .

التالي السابق


الخدمات العلمية