الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
موقف بعض الأنصار

قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، قال:

لما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك العطايا في قريش وقبائل العرب. ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كثرت منهم القالة، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم بما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت: قسمت في قومك وأعطيت قوما من العرب عطايا عظاما، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار منها شيء، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله ما أنا إلا من قومي، قال: فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة. قال: فخرج سعد فجمع من الأنصار في تلك الحظيرة، وجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فردهم. فلما اجتمعوا أتاه سعد، فقال: يا رسول الله قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.

فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني [ عنكم ] ووجدة وجدتموها في أنفسكم، ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى لله ورسوله المن والفضل. ثم قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المن والفضل. فقال: أما والله لو شئتم لقلتم [ فصدقتم ] ولصدقتم: أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فواسيناك [ ص: 236 ] .

أوجدتم - يا معشر الأنصار - في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إيمانكم، ألا ترضون - يا معشر الأنصار - أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟. والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. قال: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسما وحظا، فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا.


وروي أن قائلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وتركت جعيل بن سراقة الضمري؟ فقال رسول الله: والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض مثل الأقرع وعيينة ولكني تألفتهما ليسلما ووكلت جعيلا إلى إسلامه.

وكان هذا القسم بالجعرانة. وروى أبو الزبير وغيره عن جابر ، قال: بصرت عيناي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة، وفي ثوب بلال فضة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبض ويعطي الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية