الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن صالح بمؤخر عن مستهلك ، لم يجز إلا بدراهم ; كقيمته فأقل ، أو ذهب كذلك ، وهو مما يباع به : [ ص: 176 ] كعبد آبق

التالي السابق


( وإن ) أهلك شخص مقوما ولزمته قيمته حالة ف ( صالح ) عنها ( ب ) مال ( مؤخر ) بفتح الخاء المعجمة إلى أجل معلوم ( عن ) قيمة مقوم ( مستهلك ) بفتح اللام من عرض أو حيوان ( لم يجز ) صلحه لأنه فسخ دين في دين وهو ممنوع إن كان المفسوخ فيه من غير جنس المفسوخ ، أو كان المفسوخ فيه أكثر من المفسوخ وإلا جاز كما أشار له بقوله ( إلا ) أن يصالحه ( بدراهم ) مؤخرة وهي ( كقيمته ) أي المستهلك ( فأقل ) منها فيجوز إذ هو حينئذ إنظار بها أو مع إسقاط بعضها وهو معروف وحسن اقتضاء ( أو ) ب ( ذهب كذلك ) أي قدر قيمته فأقل مؤخر فيجوز لذلك ، فإن صالحه بدراهم أو ذهب مؤخر أكثر منها امتنع لأنه سلف جر نفعا .

وأشار لشرط الجواز في المسألتين بقوله : ( و ) الحال ( هو ) أي المستهلك ( من ) جنس ( ما ) أي شيء أو الشيء ( يباع ) أي يجوز بيعه ( به ) أي المال المصالح به وهو الدراهم أو الذهب احترازا عما لو كان المستهلك يباع بالورق فأخذ ذهبا مؤخرا أو عكسه كما في المدونة . ودل قوله كقيمته على أن المستهلك مقوم . طفي المسألة مفروضة [ ص: 176 ] في المدونة وغيرها في المقوم ، وأسقط المصنف قيد كونه يباع به بالبلد وهو قيد معتبر قاله أبو الحسن ، ولذا تارة تكون القيمة ذهبا وتارة فضة .

وشبه بما تقدم تشبيها تاما فقال ( ك ) صلح غاصب ( عبد ) أو أمة ( آبق ) من عند الغاصب بمؤخر فيمتنع لأنه فسخ دين القيمة المترتبة على الغاصب بمجرد غصبه في دين المصالح به المؤخر إلا بدراهم أو ذهب قدر قيمته فأقل ، وهو مما يباع به . الحط ليس هذا مثالا لما قبله ، وإنما مشبه به في جواز الصلح نظرا إلى القيمة ، أي وكذلك يجوز أن تصالح من غصبك عبدا وأبق منه على دنانير مؤجلة أو دراهم مؤجلة إذا كانت الدنانير أو الدراهم كقيمته فأقل . قال في كتاب الصلح وإن غصبك عبدا فأبق منه فلا يجوز أن تصالحه على عرض مؤجل ، وأما على دنانير مؤجلة فإن كانت كالقيمة فأقل جاز وليس هذا من بيع الآبق ، أي لأن الغاصب ضمن قيمة العبد بمجرد استيلائه عليه فالمصالح عنه قيمته لا نفسه حتى يمنع بيعه لأن الصلح على غير المدعى به بيع وبيع الآبق ممنوع والله أعلم .

طفي هذا هو المتعين في تقرير كلام المصنف لموافقته نص المدونة ، إذ هذه المسائل كلها تبع فيها المصنف نص المدونة ولم يذكرها ابن الحاجب ولا ابن شاس




الخدمات العلمية