الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن ترك أما وأخا ، فأقرت بأخ ، فله منها السدس

التالي السابق


( وإن ترك ) ميت ( أما وأخا ) ثابتين ( فأقرت ) الأم ( بأخ ) آخر للميت وأنكره الأخ الثابت ( فله ) أي المقر به ( من ) حصت ( ها ) أي الأم من تركة ابنها ( السدس ) لاعترافها له به ، ولا شيء منه للمنكر لاعترافه أن الثلث كلام للأم هذا مذهب الموطإ وعليه العمل . ابن عرفة الشيخ في الموازية من ترك أخاه وأمه فأقرت الأم بأخ للميت أخرجت الأم نصف ما بيدها وهو السدس قاله مالك " رضي الله تعالى عنه " في الموطإ ، وعليه الجماعة من أصحابه يأخذه المستلحق . وقال ابن القاسم وأصبغ هو بينه وبين الأخ الآخر ، ورواه ابن القاسم وابن وهب . محمد الأول قولنا ، وهو قول مالك وكل أصحابه رضي الله تعالى عنهم ، وذكر سحنون في العتبية القول الذي أنكره محمد قال يأخذ المقر به نصف السدس ونصفه للمنكر قلت تقدم لنا في اختصار الحوفية أن في كون نصف ما بيد الأم للمقر به أو بينه وبين الأخ الثابت نصفين . ثالثها يوقف نصف الثابت ، فإن صدق الأم عمل على تصديقه . ورابعها يوقف على إقرارها ، فإن صدقها عمل عليه وإن كذبها كان السدس للمقر به ، [ ص: 499 ] وإن شك كان بين الآخرين ، هذا نقل الحوفي ، وعزا ابن رشد الأول للقراض ومالك وجماعة من أصحابه رضي الله تعالى عنهم . قال وهو أظهر الأقوال واختيار محمد ، والثاني لأصبغ ، والثالث لسحنون ، ولم يحفظ الرابع ، قال وقول سحنون أضعف الأقوال لأنه إن كان لا يأخذ نصف السدس إلا أن يعطي أكثر منه فلا معنى لتوقيفه ، ثم قال ابن عرفة ظاهر نقل الشيخ قول محمد إنه مسألة من ترك أخاه وأمه وأقرت الأم بأخ منصوصة في الموطإ ، وتبعه ابن شاس وابن الحاجب وابن هارون وابن عبد السلام ، وليست بموجودة في الموطإ بحال ، وإنما في الموطإ كون الواجب على المقر إعطاءه على إقراره فقط من غير تعرض لعين مسألة الأم المقرة بأخ ففهم هؤلاء أنها مماثلة لمطلق سائر مسائل الإقرار بوارث المذكور حكمها في الموطإ ، فنقلوا فيها قوله في الموطإ ، وصرح بذلك محمد ، ثم قال ابن عرفة والصواب عندي عدم مماثلة مسألة الأم لمطلق مسائل الإقرار بوارث ، فلا يصح عزوها للموطأ ولا ثبوت أقوالها الثلاثة في مطلق وسائل الإقرار بوارث ، وهو مقتضى ذكرها .

الحوفي بعد ذكر مطلق مسائل الإقرار وهو ظاهر سياق كلام ابن رشد ، وبيان عدم مماثلتها مطلق مسائل الإقرار وأن مسألة إقرار الأم بأخ ثان مشتملة على معنى خاص بها مناسب لتوجه منازعة المنكر في فضل إقرار الأم بأنها لو كانت دوني أخذت الثلث وبيت المال الثلثين ، فإن أقرت لك مع ذلك لم يكن في إقرارها بك فضل على إنكارها تستحقه أنت ، ولما لم تنفرد دوني كان وجودي سببا في تقرر الفضل ، فيجب فيه حق بتبرئها منه ، وهذه الحجة مناسبة لمقاسمة الأخ الثابت الأخ المقر به في الفضل المذكور ، ولا تقرر هذه الحجة للمنكر في مطلق مسائل الإقرار بوارث ، ثم وقفت للمازري على ما يشير لما أبديناه من الحجة للأخ المنكر ، وهو أنه ذكر مسألة الأم ، ووجه القول بأن ما فضل بإقراره الأم بين المنكر والمقر به بأن المنكر يحتج بأن له مشاركة في خروج هذا السهم من يد الأم لأنها لا تحجب عن الثلث إلى السدس إلا بأخوين هو أحدهما " غ " نازع البناني في شرح التلمسانية . ابن عرفة في هذا البحث نقف عليه في محله ، وبالله تعالى التوفيق .




الخدمات العلمية