الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 329 - 330 ] وصعود نخلة ، وأنذر ، بطلوعه

التالي السابق


( و ) إلا ( صعود ) بضم الصاد والعين المهملين أي رقي ( نخلة ) أو شجرة غيرها في داره يشرف الصاعد عليها على دور الجيران فلا يمنع منه إذا كان لإصلاحها أو جني ثمرها ويحتمل جره عطفا على مانع ( وأنذر ) أي أعلم الصاعد على النخلة المشرفة الجيران ( بطلوعه ) عليها وجوبا ليستروا ما يكرهون اطلاع صاعدها عليه . ابن يونس مطرف وابن الماجشون ومن صعد إلى شجرة ليجنيها فيرى منها ما في دار جاره فلا يمنع منه ، ولكن يؤذن جاره ونحوه لابن وهب نقله المواق . [ ص: 331 ] الحط في المسائل الملقوطة عن مطرف أحب أن يعلمهم لموضع حق الجوار وإن لم يفعل فلا شيء عليه من فتاوى ابن زرب . " غ " في أجوبة ابن رشد أن عياضا سأله عن صومعة أحدثت في مسجد فشكا منها بعض الجيران الكشف عليه فهل له فيها مقال وقد أباح أئمتنا لمن في داره شجرة صعودها لجمع ثمرتها مع الإنذار بطلوعه وأوقات الطلوع للأذان معلومة وفي مدة قصيرة ، وإنما يتولاها غالبا أهل الصلاح ومن لا يقصد مضرة ؟ فأجاب ليست الصومعة في المسجد كالشجرة في دار الرجل لأن الطلوع لجني الثمرة نادر ، والصعود في الصومعة للأذان يتكرر مرارا في كل يوم ، والرواية عن مالك في سماع أشهب رضي الله تعالى عنهما بالمنع من الصعود فيها والرقي عليها منصوصة على علمك ، والمعنى فيها صحيح فيما أقول ، وإن كان يطلع منها على الدور من بعض نواحيها دون بعض فيمنع من الوصول منها إلى الجهة إلتي يطلع منها إلا بحاجز يبنى بين تلك الجهة وغيرها من الجهات ا هـ .

والرواية عن سحنون في سماع أشهب من كتاب الصلاة يمنع الصعود فيها ابن رشد هذا صحيح على أصل مالك رضي الله تعالى عنه في أن الاطلاع من الضرر البين الذي يجب القضاء بقطعه ، وكذلك يجب عند من رأى من أصحابه إن أحدث في ملكه اطلاعا على جاره لا يقضى عليه بسده ، ويقال لجاره استر على نفسك في ملكك ، والفرق بين الموضعين أن المنار ليس ملكا للوزن ، وإنما يصعد فيه ابتغاء الخير والثواب واطلاعه على حرم الناس محظور ، ولا يحل الدخول في نافلة من الخير بمعصية ، وسواء كانت الدور على القرب أو البعد إلا لبعد كثير لا تبين معه الأشخاص ولا الهيئات ولا الذكور من الإناث فلا يعتبر الاطلاع معه ، وقد كان بعض الشيوخ يستدل على هذا بقول عائشة رضي الله تعالى عنها إن { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح بغلس فينصرف النساء متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس } والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية