الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 38 ] وقوم مخالف النقد يوم الحصاص ، واشترى له منه بما يخصه ، ومضى إن رخص أو غلا

التالي السابق


( و ) إذا كان بعض الديون عرضا أو طعاما أو كانت كلها عروضا ، واختلفت صفاتها أو أطعمة كذلك ( قوم ) بضم القاف وكسر الواو مثقلا دين ( مخالف النقد ) أي الدنانير والدراهم وهو العرض والطعام ، سواء كان العرض مقوما أو مثليا وتعتبر قيمته ( يوم الحصاص ) فكسر الحاء المهملة ، أي المحاصة والقسمة بين الغرماء بنقد من صنف ما أريد قسمه ، ويحاص لصاحب المخالف بقيمته .

( واشتري ) بضم المثناة وكسر الراء ( له ) أي صاحب مخالف النقد ( منه ) أي جنس وصفة دينه ا هـ المخالف للنقد ( بما ) أي النقد الذي ( يخصه ) أي يخرج وينوب صاحب المخالف بالمحاصة بقيمة دينه في مال المفلس أو الميت ، فإن كان مائة دينار وعليه لشخص مائة دينار ولآخر عرض يساوي مائة دينار ولآخر طعام كذلك دفع لصاحب النقد ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، واشترى لصاحب عرض مثل عرضه جنسا وصفة بثلاثة وثلاثين دينارا وثلث دينار ، ولصاحب الطعام كذلك وهذا مع المشاحة ، وأما مع التراضي فيجوز أخذ صاحب المخالف النقد الذي خصه بالمحاصة إذا لم يمنع منه مانع كما يأتي .

( و ) إن لم يشتر لصاحب العرض أو الطعام منه حتى رخص أو غلا ( مضى ) القسم أو التقويم ( إن رخص ) بضم الخاء المعجمة حتى صار إذا اشترى بما خصه يكون المشترى بالفتح أكثر مما خصه فلا تحاصصه الغرماء في الزائد ( أو غلا ) نوع الطعام أو العرض حتى إذا اشترى له بما خصه يكون المشترى بالفتح أقل مما يخصه فلا يرجع على الغرماء فيما [ ص: 39 ] خصهم فلا تراجع بين الغرماء ، قال الباجي وابن رشد ، قالا إلا أن يصير له أكثر من حقه فيرد الفاضل للغرماء يتحاصون فيه ببواقي ديونهم . وأما فيما بين المدين وصاحب مخالف النقد فيكون الحساب بما اشترى لا بثمنه ، فإن اشترى له قدر دينه فلا شيء له على المدين ، وإن اشترى له أقل منه اتبع المدين بباقيه .

في التوضيح الباجي وصاحب المقدمات إن تأخر الشراء حتى غلا أو رخص فلا تراجع فيه بين الغرماء إلا أن يكون فيما صار له أكثر من جميع حقه فيرد الفضل إلى الغرماء ، وإنما يكون التحاسب بينه وبين الغريم . وقال المازري لو تغير السعر حتى صار يشتري له أكثر مما كان يشتري له يوم قسمة المال ، فالزائد بين الغرماء ويدخل معهم فيه كمال طرأ للمفلس . وذهب ابن الماجشون إلى أن هذا الفضل الذي حدث باختلاف السعر يستبد به هذا الغريم الموقوف له المال ، ويشتري له به مما بقي في ذمة المفلس بناء على أصله أن مصيبة الموقوف ممن له الدين ا هـ . الحط وكلام ابن الماجشون ليس قولا ثالثا كما توهمه صاحب الشامل ، بل هو الذي حكاه الباجي وابن رشد .




الخدمات العلمية