الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( سوم ) ( هـ ) فيه أنه قال يوم بدر : سوموا فإن الملائكة قد سومت أي اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضا ، والسومة والسمة : العلامة .

                                                          * وفيه إن لله فرسانا من أهل السماء مسومين أي معلمين .

                                                          * ومنه حديث الخوارج سيماهم التحالق أي علامتهم . والأصل فيها الواو فقلبت لكسرة السين ، وتمد وتقصر .

                                                          * وفيه نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه المساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها . يقال سام يسوم سوما ، وساوم واستام . والمنهي عنه أن يتساوم المتبايعان في السلعة ويتقارب الانعقاد ، فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به قبل الانعقاد ، فذلك ممنوع عند المقاربة ، لما فيه من الإفساد ، ومباح في أول العرض والمساومة .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث أنه نهى عن السوم قبل طلوع الشمس هو أن يساوم بسلعته في ذلك الوقت ; لأنه وقت ذكر الله تعالى ، فلا يشتغل فيه بشيء غيره . وقد يجوز أن يكون من [ ص: 426 ] رعي الإبل ، لأنها إذا رعت قبل طلوع الشمس والمرعى ند أصابها منه الوباء ، وربما قتلها ، وذلك معروف عند أرباب المال من العرب .

                                                          * وفيه في سائمة الغنم زكاة السائمة من الماشية : الراعية . يقال سامت تسوم سوما ، وأسمتها أنا .

                                                          * ومنه الحديث السائمة جبار يعني أن الدابة المرسلة في مرعاها إذا أصابت إنسانا كانت جنايتها هدرا .

                                                          * ومنه حديث ذي البجادين يخاطب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم : تعرضي مدارجا وسومي تعرض الجوزاء للنجوم * وفي حديث فاطمة رضي الله عنها أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم ببرمة فيها سخينة فأكل وما سامني غيره ، وما أكل قط إلا سامني غيره هو من السوم : التكليف . وقيل معناه عرض علي ، من السوم وهو طلب الشراء .

                                                          * ومنه حديث علي رضي الله عنه من ترك الجهاد ألبسه الله الذلة وسيم الخسف أي كلف وألزم . وأصله الواو فقلبت ضمة السين كسرة ، فانقلبت الواو ياء .

                                                          ( هـ ) وفيه لكل داء دواء إلا السام يعني الموت . وألفه منقلبة عن واو .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث إن اليهود كانوا يقولون للنبي : السام عليكم يعني الموت ويظهرون أنهم يريدون " السلام عليكم " .

                                                          * ومنه حديث عائشة رضي الله عنها إنها سمعت اليهود يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : السام عليك يا أبا القاسم ، فقالت : عليكم السام والذام واللعنة ولهذا قال : إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم يعني الذي يقولونه لكم ردوه عليهم . قال الخطابي : عامة المحدثين يروون هذا الحديث : فقولوا وعليكم ، بإثبات واو العطف . وكان ابن عيينة يرويه بغير واو . وهو الصواب ، [ ص: 427 ] لأنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودا عليهم خاصة ، وإذا أثبت الواو وقع الاشتراك معهم فيما قالوه ; لأن الواو تجمع بين الشيئين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية