الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خلل ) فيه إني أبرأ إلى كل ذي خلة من خلته الخلة بالضم : الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله : أي في باطنه . والخليل : الصديق ، فعيل بمعنى مفاعل ، وقد يكون بمعنى مفعول ، وإنما قال ذلك لأن خلته كانت مقصورة على حب الله تعالى ، فليس فيها لغيره متسع ولا شركة من محاب الدنيا والآخرة . وهذه حال شريفة لا ينالها أحد بكسب واجتهاد ، فإن الطباع غالبة ، وإنما يخص الله بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه ، ومن جعل الخليل مشتقا من الخلة وهي الحاجة والفقر ، أراد : إني أبرأ من الاعتماد والافتقار إلى أحد غير الله تعالى . وفي رواية أبرأ إلى كل خل من خلته بفتح الخاء وبكسرها وهما بمعنى الخلة والخليل .

                                                          ومنه الحديث لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر .

                                                          والحديث الآخر المرء بخليله ، أو قال على دين خليله ، فلينظر امرؤ من يخالل وقد تكرر ذكره في الحديث . وقد تطلق الخلة على الخليل ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ; لأنه في الأصل مصدر . تقول : خليل بين الخلة والخلولة ، ومنه قصيد كعب بن زهير :

                                                          يا ويحها خلة لو أنها صدقت موعودها أو لو ان النصح مقبول

                                                          ومنه حديث حسن العهد فيهديها في خلتها أي أهل ودها وصداقتها .

                                                          ومنه الحديث الآخر فيفرقها في خلائلها جمع خليلة .

                                                          ( هـ ) وفيه اللهم ساد الخلة الخلة بالفتح : الحاجة والفقر : أي جابرها .

                                                          ومنه حديث الدعاء للميت اللهم اسدد خلته وأصلها من التخلل بين الشيئين ، [ ص: 73 ] وهي الفرجة والثلمة التي تركها بعده ، من الخلل الذي أبقاه في أموره .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عامر بن ربيعة فوالله ما عدا أن فقدناها اختللناها أي احتجنا إليها فطلبناها .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن مسعود عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يختل إليه أي يحتاج إليه .

                                                          وفيه أنه أتي بفصيل مخلول أو محلول : أي مهزول ، وهو الذي جعل على أنفه خلال لئلا يرضع أمه فتهزل . وقيل : المخلول : السمين ضد المهزول . والمهزول إنما يقال له خل ومختل ، والأول الوجه . ومنه يقال لابن المخاض : خل ; لأنه دقيق الجسم .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه كان له كساء فدكي فإذا ركب خله عليه أي جمع بين طرفيه بخلال من عود أو حديد .

                                                          ومنه : خللته بالرمح : إذا طعنته به .

                                                          ومنه حديث بدر وقتل أمية بن خلف فتخللوه بالسيوف من تحتي أي قتلوه بها طعنا حيث لم يقدروا أن يضربوه بها ضربا .

                                                          ( س ) وفيه التخلل من السنة هو استعمال الخلال لإخراج ما بين الأسنان من الطعام . والتخلل أيضا والتخليل : تفريق شعر اللحية وأصابع اليدين والرجلين في الوضوء . وأصله من إدخال الشيء في خلال الشيء ، وهو وسطه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث رحم الله المتخللين من أمتي في الوضوء والطعام .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث خللوا بين الأصابع لا يخلل الله بينها بالنار .

                                                          وفيه إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل الكلام بلسانه كما تتخلل الباقرة الكلأ بلسانها هو الذي يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الدجال يخرج من خلة بين الشام والعراق أي في طريق بينهما . [ ص: 74 ] وقيل للطريق والسبيل : خلة ; لأنه خل ما بين البلدين : أي أخذ مخيط ما بينهما . ورواه بعضهم بالحاء المهملة ، من الحلول : أي سمت ذلك وقبالته .

                                                          وفي حديث المقدام ما هذا بأول ما أخللتم بي أي أوهنتموني ولم تعينوني . والخلل في الأمر والحرب كالوهن والفساد .

                                                          وفي حديث سنان بن سلمة إنا نلتقط الخلال يعني البسر أول إدراكه ، واحدتها خلالة بالفتح .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية