الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شرد ) * فيه لتدخلن الجنة أجمعون أكتعون إلا من شرد على الله أي خرج عن طاعته وفارق الجماعة . يقال شرد البعير يشرد شرودا وشرادا إذا نفر وذهب في الأرض .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث إنه قال لخوات بن جبير : ما فعل شرادك قال الهروي : أراد بذلك التعريض له بقصته مع ذات النحيين في الجاهلية ، وهي معروفة يعني أنه لما فرغ منها شرد وانفلت خوفا من التبعة . وكذلك قال الجوهري في الصحاح ، وذكر القصة . وقيل إن هذا وهم من الهروي والجوهري ومن فسره بذلك .

                                                          والحديث له قصة مروية عن خوات إنه قال : نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران ، فخرجت من خبائي ، فإذا نسوة يتحدثن فأعجبنني ، فرجعت فأخرجت حلة من عيبتي فلبستها ثم جلست إليهن ، فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهبته ، فقلت : يا رسول الله جمل لي شرود وأنا أبتغي له قيدا ، فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعته ، فألقى إلي رداءه ودخل الأراك فقضى حاجته وتوضأ ; ثم جاء فقال : أبا عبد الله : ما فعل شراد جملك ؟ ثم ارتحلنا ، فجعل لا يلحقني إلا قال : السلام عليكم أبا عبد الله ، ما فعل شراد جملك ؟ قال : [ ص: 458 ] فتعجلت إلى المدينة ، واجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما طال ذلك علي تحينت ساعة خلوة المسجد ، ثم أتيت المسجد فجعلت أصلي . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره ، فجاء فصلى ركعتين خفيفتين وطولت الصلاة رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال : طول يا أبا عبد الله ما شئت فلست بقائم حتى تنصرف ، فقلت : والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئن صدره ، فانصرفت ، فقال : السلام عليكم أبا عبد الله ما فعل شراد الجمل ؟ فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت ، فقال : رحمك الله ، مرتين أو ثلاثا ، ثم أمسك عني فلم يعد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية