الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ما يدل على افتراض الصلاة على الأنبياء والرسل عليهم ، - وعلى نبينا الصلاة والسلام - : ]

قال أبو عبد الله : ومما دل الله تعالى به على " تعظيم قدر الصلاة " ، ومباينتها لسائر الأعمال : إيجابه إياها على أنبيائه ورسله ، وإخباره عن تعظيمهم إياها ، فمن ذلك أنه - جل وعز - قرب موسى نجيا ، وكلمه تكليما ، فكان أول ما افترض عليه ، بعد افتراضه عليه عبادته إقام الصلاة ، ولم ينص له فريضة غيرها ، فقال - تبارك وتعالى - مخاطبا لموسى بكلماته ، ليس بينه وبينه ترجمان : ( فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) ، فدل ذلك على عظم قدر الصلاة ، وفضلها على سائر الأعمال ، إذ لم يبد مناجيه وكليمه بفريضة أول منها .

ثم ما أخبر عن سحرة فرعون بعد شركهم وعنادهم ، إذ يحلفون بعزة فرعون ، متخذين إلها من دون الله ، ولم يأتهم رسول قبل ذلك ، ولا سمعوا كتابا ، فلما أراهم موسى الآية ، حين ألقى عصاه ، فقلبها الله حية تسعى ، فالتقفت [ ص: 97 ] حبالهم وعصيهم ، فعلموا أن ذلك ليس بسحر ، ولا يشبهه فعل بني آدم ، انقادوا للإيمان بالله - عز وجل - ، فلم يلهموا طاعة يرجعون بها إلى الله ، ويترضونه بها ، ظنا أن يغفر لهم عما كان منهم إلا السجود ، وهو أعظم الصلاة ، قال الله - عز وجل - : ( فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون ) .

فعفروا وجوههم لله في التراب خضوعا له ، فلم يجعل الله لهم مفزعا إلا إلى الصلاة ، مع الإيمان به ، وهي مفزع كل منيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية