الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال أبو عبد الله : ومن ذلك ما روي عن الطفيل بن سخبرة :

874 - حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن طفيل بن سخبرة رضي الله عنه أخي عائشة رضي الله عنها لأمها ، قال : " رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرت بها من أخبرت ، ثم [ ص: 862 ] أخبرت بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أخبرت بها أحدا ؟ " ، فقلت : نعم ، رأيت كأنني مررت برهط من اليهود ، فقلت : من أنتم ، فقالوا : نحن اليهود ، فقلت : أنتم القوم ، لولا أن تقولوا : عزير ابن الله ، فقالوا : وأنتم القوم لولا أن تقولوا : ما شاء الله ، وشاء محمد ، ثم أتيت على رهط من النصارى ، فقلت : ما أنتم ؟ فقالوا : نحن النصارى ، فقلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولوا : المسيح ابن الله ، فقالوا : وأنتم القوم لولا أنكم تقولوا : ما شاء الله ، وشاء محمد .

فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر قام خطيبا ، فحمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال : " فإن طفيلا رأى رؤية أخبر بها من أخبر منكم ، وإنكم كنتم تقولون كلمة ، كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم ، فلا تقولوا ما شاء الله ، وشاء محمد " .
[ ص: 863 ] قال أبو عبد الله : فدل قوله : كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم غير أنه قد كان يكره أن يقال ذلك ، ويستحي أن ينهاكم ، لأنه لم يكن جاءه عن الله تعالى نهي عن ذلك ، فلما رأى طفيل الرؤيا ، استدل بذلك على أن الله تعالى قد كره ذلك ، فنهاه عنه ، فكان إمساكه عن النهي في الأمرين جميعا حياء منهم فعلا حسنا عن خلق كريم ، ثم آثر ما هو أولى به صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية