الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[قصة عمر - رضي الله عنه - في صرع أبي جحش]

256 - حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي ، قال : حدثنا عبد الله بن قدامة ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر ، - رضي الله عنهما - ، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جاء والصلاة قائمة ، ونفر ثلاثة جالسون ، أحدهم أبو جحش الليثي ، فقال : قوموا فصلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام اثنان ، وأبى أبو جحش أن يقوم ، فقال له عمر - رضي الله عنه - : صل يا أبا جحش مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ! ، فقال : لا أقوم حتى يأتي رجل هو أقوى مني ذراعين ، أو أشد مني بطشا فيصرعني ، ثم يدس وجهي في التراب ، قال عمر - رضي الله عنه - : فقمت إليه ، فكنت أشد منه ذراعين ، وأقوى منه بطشا ، فصرعته ، ثم دسست وجهه [ ص: 263 ] في التراب ، فأتى علي عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فحجزني عنه .

فخرج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مغضبا حتى انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ماذا بك يا أبا حفص ؟ " فقال : يا رسول الله! ، أتيت على نفر جلوس على باب المسجد ، فقص القصة إلى قوله : فأتى علي عثمان فحجزني عنه ، ما ذاك إلا أنه ضافه ليلة ، فأحب أن يشكرها له ، فسمع ذلك عثمان ، فقال : يا رسول الله! ، ألا تسمع ما يقول لنا عمر عندك ؟ ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن رضى عمر رحمة ، والله على ذاك ، لوددت أنك كنت جئتني برأس الخبيث ، " فقام عمر فوجه ، فلما أبعد شيئا ، ناداه ، فقال : " اجلس حتى أخبرك بغنى الرب عن صلاة أبي جحش ، إن لله في السماء الدنيا ، ملائكة خشوعا ، لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة ، رفعوا رؤوسهم .

ثم قالوا : ربنا ما عبدناك حق عبادتك ، وأن لله في السماء الثانية ، ملائكة سجودا ، لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم ، ثم قالوا : ربنا ما عبدناك حق عبادتك ، وأن لله في السماء الثالثة ، ملائكة ركوعا ، لا يرفعون رؤوسهم حتى تقوم الساعة ، فإذا قامت الساعة رفعوا رؤوسهم ، وقالوا : سبحانك ، ما عبدناك حق عبادتك ، فقال له عمر : وما يقولون يا رسول الله ؟ ! قال : " أما أهل [ ص: 264 ] سماء الدنيا فيقولون : سبحان ذي الملك والملكوت ، وأما أهل السماء الثانية فيقولون : سبحان ذي العز والجبروت ، وأما أهل السماء الثالثة فيقولون : سبحان الحي الذي لا يموت ، فقلها يا عمر في صلاتك! فقال عمر : يا رسول الله! ، فكيف الذي علمتني ، وأمرتني أن أقوله في صلاتي ؟ ! قال : " قل هذه مرة ، وهذه مرة " ، وكان الذي أمره به ، أن قال : " قل أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، جل وجهك " .


التالي السابق


الخدمات العلمية