الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
406 - حدثنا يوسف بن موسى القطان ، أنا عبيد الله بن موسى العبسي ، ثنا أبو حمزة الثمالي ، عن أبي اليقظان [ ص: 413 ] عثمان بن عمير البجلي ، عن زاذان ، عن جرير بن عبد الله ، قال : خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على رواحلنا - وهي آكلة النوى - من المدينة ، فرفع له شخص ، فقال : " هذا رجل لا عهد له ، بأنيس منذ كذا وكذا ، وإياي يريد " ، فأسرع إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأسرعنا حتى استقبله ، فإذا فتى شاب قد انسلقت شفتاه ، من أكل لحي الشجر ، فسأله : " من أين أقبلت ؟ ! " فحدثه ، قال : وأنا أريد يثرب ، وأريد محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأبايعه ، قال : " فأنا محمد رسول الله " ، قال : السلام عليك يا رسول الله! ، صف لي الإسلام ؟ ، قال : " تشهد أن لا إله إلا الله ، وتقر بما جاء من عند الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت " ، قال : أقررت .

ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال جرير : وازدحمنا عليه ، حين أنشأ يصف الإسلام ، ننظر إلى أي شيء ينتهي صفته ، وكنا نهابه أن نسأله ، وجعلنا إذا زحمنا بكره رغا ، ونحر على أكلة نوا ، ثم انصرف فانصرفنا معه ، وتقع يد بكره في أخافيق الجرذان ، فانثنت عنقه فمات ، فقالوا : قد مات ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " علي الرجل ، " فانحط عمار وحذيفة بن اليمان ، فوجداه قد انثنت عنقه فمات ، قالوا : قد مات ، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنظر إليه ، ثم أعرض بوجهه عنه ، وقال : " احملوه إلى الماء " ، فأمرنا ، فغسلناه ، وكفناه ، وحنطناه ، ثم قال : " احفروا له ، [ ص: 414 ] وألحدوا له ، ولا تشقوا ، فإن اللحد لنا ، والشق لأهل الكتاب " ، وجلس على قبره لا يحدثنا بشيء ، ثم قال : " ألا أحدثكم حديث هذا الرجل ، هذا ممن عمل قليلا ، وأجر كثيرا ، هذا ممن قال الله : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) ، إني أعرضت عنه آنفا ، وملكان يدسان في شدقه من ثمار الجنة ، " يعرفنا أن الرجل كان جائعا " .
[ ص: 415 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية