الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
518 - حدثني محمد بن عبدة ، ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، في قوله : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) ، بلغنا أن الله - جل وعز - حين خلق خلقه ، جمع من خلقه من الجن والإنس ، والسماوات والأرض ، والجبال ، فبدأ بالسماوات ، فعرض عليهن الأمانة ، وهي الطاعة ، فقال لهن : أتحملن هذه الأمانة ، ويكن علي الفضل والكرامة ، والثواب في الجنة ؟ ! فقلن : يا رب! ، إنا لا نستطيع هذا الأمر ، وليست بنا قوة ، ولكنا لك مطيعين .

ثم عرض الأمانة على الأرضين ، فقال لهن : أتحملن هذه الأمانة وتقبلنها مني ، وأعطيك الفضل ، والكرامة في الجنة ؟ ! فقلن : لا صبر لنا على هذا يا رب ، ولا نطيقه ، ولكنا لك سامعين مطيعين ، ولا نعصيك في شيء تأمرنا به .

ثم قربت الجبال كلها ، فقلن لها مثل ذلك .

ثم قرب آدم ، فقال له : أتحمل هذه الأمانة ، وترعاها حق رعايتها ؟ ! فقال عند ذلك آدم : ما لي عندك ؟ ! قال : يا آدم ، إن أحسنت ، وأطعت ، ورعيت الأمانة ، فلك عندي الكرامة ، والفضل ، وحسن الثواب في الجنة ، وإن عصيت ، ولم ترعها حق رعايتها ، وأسأت فإني معذبك [ ص: 485 ] ومعاقبك ، وأنزلك النار ، فقال : قد رضيت رب ، وتحملتها ، فقال الله عند ذلك : قد حملتكها ، فذلك قول الله - عز وجل - : ( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) يقول : ظلوما لنفسه في خطيئته ، (جهولا) بعاقبة ما يحمل من الأمانة .

قوله : ( ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ) ، بما خانوا الأمانة ، وكذبوا الرسل ، ونقضوا العهد ، والميثاق الذي أخذ عليهم ، حين أخرجهم من صلب آدم .

( ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ) بأنهم أدوا الأمانة ، ولم يكذبوا الرسل ، ووفوا بالعهد والميثاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية