الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وقولهم : بذل الجهد في استخراج الحق ، وقولهم : الدليل الموصل إلى الحق ، وقولهم : العلم عن نظر مردود بالنص والإجماع .

            وبأن البذل حال القائس ، والعلم ثمرة القياس .

            أبو هاشم : حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه ، ويحتاج إلى جامع .

            وقول القاضي : حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما حسن ، إلا أن " حمل " ثمرته ، وإثبات الحكم فيهما معا ليس به ، بل هو في الأصل بدليل غيره ، " وبجامع " كاف .

            [ ص: 11 ] وقولهم : ثبوت حكم الفرع فرع القياس ، فتعريفه به دور .

            وأجيب بأن المحدود القياس الذهني ، وثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي ليس فرعا له .

            التالي السابق


            ش - ذكر الحدود المردودة وزيفها .

            فمنها الحدود الثلاثة التي ذكرها المتقدمون :

            الأول : أن القياس بذل الجهد في استخراج الحق .

            الثاني : أنه الدليل الموصل إلى الحق .

            الثالث : أنه العلم عن نظر .

            أما الأول ; فلأن البذل حال القائس ، والقياس هو : المساواة المذكورة ، فلا يصدق أحدهما على الآخر ، فيصدق الحد بدون المحدود ، فلا يطرد .

            وأما الثاني ; فلأنه يصدق على النص والإجماع ; لأن كل واحد منهما هو الدليل الموصل إلى الحق ، فيلزم عدم الاطراد .

            أما الثالث ; فلأن العلم ثمرة القياس ، والقياس سببه ، والسبب غير المسبب ، فيصدق الحد بدون المحدود ، فيلزم عدم الاطراد أيضا .

            ومنها ما قال أبو هاشم ، هو أن القياس : حمل الشيء على [ ص: 12 ] غيره بإجراء حكمه عليه .

            وهذا التعريف ناقص ، لأنه يحتاج إلى ذكر الجامع ; لأن حمل الشيء على غيره بإجراء حكمه عليه بغير جامع لا يكون قياسا .

            ومنها ما قال القاضي ، وهو أن القياس حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما ، من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما .

            وإنما ذكر لفظ " المعلوم " ليتناول الموجود والمعدوم ; لأن القياس يجري فيهما .

            فلو قال لفظ " الشيء " لاختص بالموجود ; لأن المعدوم ليس بشيء عندنا .

            والمراد بالمعلوم متعلق العلم والاعتقاد والظن ; لأن الفقهاء يطلقون لفظ العلم على هذه الأمور .

            والمراد بالإثبات : القدر المشترك بين العلم والاعتقاد والظن .

            وذكر قوله : " في إثبات حكم " لبيان وجه الحمل .

            وذكر عقيب قوله : " أو نفيه " لبيان تفصيل الحكم المطلوب بالقياس .

            وذكر : " بأمر جامع " ليتميز حقيقة القياس عن غيرها ، ثم أشار إلى أقسام الجامع .

            وهذا التعريف حسن عند جمهور المحققين .

            [ ص: 13 ] وزيفه المصنف بوجوه :

            الأول : أن الحمل ثمرة القياس ; لأن المراد من الحمل إثبات الحكم ، وإثبات الحكم ثمرة القياس .

            الثاني : أن قوله : " في إثبات حكم لهما " يشعر بأن الحكم في الأصل والفرع ثبت بالقياس .

            وهو باطل ; لأن القياس فرع على ثبوت الحكم في الأصل ، فلو كان ثبوت الحكم في الأصل بالقياس ، لزم الدور .

            الثالث : أن قوله : " بجامع " كاف ، ولا يحتاج إلى قوله : من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما ; لأن هذه أقسام الجامع ، والمعتبر في التعريف نفس الجامع لا أقسامه .

            وأورد بعض المتأخرين أنه أخذ في تعريف القياس ثبوت حكم الفرع ، وثبوت حكم الفرع فرع القياس ، فيتوقف معرفته على معرفة القياس ، فتعريف القياس به دور .

            أجاب عنه بأن هذا تعريف القياس الذهني ، ولا يتوقف معرفة ثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي على القياس الذهني ; لأن ثبوت حكم الفرع الذهني والخارجي لا يكون فرعا للقياس الذهني .




            الخدمات العلمية