الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - واستدل بما تواتر معناه من ذكر العلل ليبتني عليها ، مثل : " أرأيت لو كان على أبيك دين " ، " أينقص الرطب إذا جف " ، وليس بالبين .

            واستدل بإلحاق كل زان بماعز .

            ورد بأن ذلك لقوله : " حكمي على الواحد " ، أو للإجماع .

            واستدل بمثل : ( فاعتبروا ) ، وهو ظاهر في الاتعاظ ، أو في الأمور العقلية ، مع أن صيغة " افعل " محتملة .

            واستدل بحديث معاذ ، وغايته الظن .

            التالي السابق


            ش - ذكر أربعة استدلالات مع الجواب عنها .

            الأول : أنه ثبت بما تواتر معناه أن الرسول - عليه السلام - ذكر العلل ; ليبني على تلك العلل الأحكام ; لأنه سئل عن صور كثيرة ، فأجاب عن كل صورة منها بالإشارة إلى العلة إرشادا لأمته إلى القياس .

            [ ص: 164 ] مثل قوله - عليه السلام - للخثعمية : أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته ، أكان ينفعه ؟ فقالت : نعم . فقال - عليه السلام : فدين الله أحق بالقضاء .

            ومثل قوله - عليه السلام : " أينقص الرطب إذا جف " . وأمثاله .

            وذلك يدل على أن العمل بالقياس متعبد به .

            أجاب بأن هذا الاستدلال ليس بالبين ; لأن غايته التصريح بالعلة الموجبة للحكم . وذلك لا يدل على وجوب العمل بالقياس ; لجواز أن يكون ذكر العلة لتعريف الباعث على الحكم ; ليكون أقرب إلى الانقياد ، لا لأجل إلحاق الغير به .

            ولئن سلم أن سياق الكلام وقرينة الحال يدل ظاهرا على أن الغرض من ذكر العلة هو إلحاق الغير به ، لكن لا يكون دليلا قطعيا على العمل بالقياس ، بل ظنيا ، وكلامنا في القطعي .

            الاستدلال الثاني : أن رجم كل زان محصن ليس إلا لأجل الإلحاق بماعز بطريق القياس . فإن رجم ماعز ثبت بفعل الرسول - عليه السلام - وهو ليس بعام ، ولا نص على رجم كل زان لعدم النقل ، فيكون لأجل القياس .

            أجاب بأن رجم كل زان محصن ثبت بالنص ، وهو قوله - عليه السلام : " حكمي على الواحد حكمي على الجماعة " ، أو ثبت بالإجماع ، وسند الإجماع يجوز أن يكون نصا عاما لم [ ص: 165 ] ينقل إلينا ; لأنه قد استغني بالإجماع عنه .

            الثالث : أن القياس هو المجاوزة والاعتبار من الأصل إلى الفرع ، والاعتبار واجب بقوله - تعالى : فاعتبروا ياأولي الأبصار ، فوجب القياس .

            أجاب بأن الاعتبار ظاهر في الاتعاظ ، أو في الأمور العقلية ، لا في الأقيسة الشرعية .

            على أن صيغة " افعل " محتملة للأمر وغيره ، فلا يكون دلالته على وجوب العمل بالقياس قطعية .

            الرابع : أنه - عليه السلام - لما بعث معاذا إلى اليمن ، قال : بم تقضي يا معاذ ؟ قال : بكتاب الله . قال : فإن لم تجد ؟ قال : بسنة رسول الله . قال : فإن لم تجد فيها ؟ قال : أجتهد برأيي . وصوبه الرسول عليه ، وذلك دليل على أن العمل بالقياس معتد به .

            أجاب بأن هذا من باب الآحاد ، وغايته إفادة الظن .




            الخدمات العلمية