الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأورد قياس الدلالة ، فإنه لا يذكر فيه علة .

            [ ص: 7 ] وأجيب إما بأنه غير مراد ، وإما بأنه يتضمن المساواة فيها .

            وأورد قياس العكس مثل : لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر ، وجب بغير نذر .

            عكسه : الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر ، لم تجب بغير نذر .

            وأجيب بالأول ، أو بأن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر في اشتراط الصوم له بالنذر بمعنى لا فارق .

            أو بالسبر وذكرت الصلاة لبيان الإلغاء .

            أو قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر .

            التالي السابق


            ش - وأورد على عكس هذا التعريف قياس الدلالة ، وهو مساواة فرع لأصل في وصف جامع لا يكون علة للحكم ، لا في نفس الأمر ، ولا في نظر المجتهد ، بل يكون مساويا لها دالا عليها ، مثل الجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة ; لأن الرائحة ليست بعلة ، بل العلة : الشدة المطربة ، والرائحة دالة عليها ، فإنه خارج عن التعريف المذكور للقياس ; [ ص: 8 ] لأنه لم يذكر فيه علة الحكم ، مع أنه قياس ، فلا ينعكس الحد .

            أجاب عنه بوجهين :

            أحدهما : أن قياس الدلالة غير مراد من هذا التعريف ; لأن المراد تعريف ما هو قياس حقيقة ، وقياس الدلالة لا يكون قياسا حقيقة .

            الثاني : أنه قياس وليس بخارج عن التعريف ; لأن المساواة في الوصف الجامع الدال على العلة يتضمن المساواة في العلة .

            وأورد أيضا على عكسه قياس العكس ، وهو إثبات نقيض حكم الأصل في الفرع لتحقق نقيض علة حكم الأصل في الفرع ، مثل قول الحنفية : لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر ، وجب أيضا بغير نذر .

            والصلاة لما تجب في الاعتكاف بالنذر ، لم تجب بغير نذر ، فإن الفرع هو الصيام ، والأصل هو الصلاة ، والحكم في الأصل عدم الوجوب في الواقع ، وفي الفرع الوجوب فيه ، والعلة في الفرع الوجوب بالنذر ، وفي الأصل عدم الوجوب بالنذر .

            فإنه قياس ، ولا يصدق عليه الحد ; إذ لا مساواة بين الأصل والفرع في العلة ولا في الحكم .

            أجاب عنه بثلاثة وجوه :

            [ ص: 9 ] الأول : هو الوجه الأول في جواب الإيراد الأول ، وهو أن قياس العكس غير مراد من هذا التعريف ; لأنه ليس بقياس حقيقة ، وهذا التعريف لما هو قياس حقيقة .

            الثاني : أن المقصود هاهنا مساواة الاعتكاف بغير نذر الصوم في اشتراط الصوم للاعتكاف بنذر الصوم ، إما بمعنى أنه لا فارق بين الاعتكاف بغير نذر صوم ، وبين الاعتكاف بنذر صوم في اشتراط الصوم . والاختلاف بالنذر وعدمه لا مدخل له في اشتراط الصوم وعدمه ، كما في الصلاة .

            وإما بالسبر ، بأن يقال : الموجب لاشتراط الصوم إما الاعتكاف ، أو الاعتكاف بنذر الصوم .

            والثاني باطل ; إذ لا أثر للنذر في الاشتراط ; إذ لو أثر لأثر في اشتراط الصلاة ، ولا أثر للنذر في اشتراط الصلاة بالاتفاق . فثبت أن الموجب للاشتراط هو الاعتكاف ، لا الاعتكاف بالنذر ، فيكون ذكر الصلاة لبيان إلغاء النذر .

            فعلى هذا يكون الاعتكاف بنذر الصوم أصلا ، والاعتكاف بغير نذر الصوم فرعا ، والحكم وجوب الاشتراط فيهما ، والعلة الاعتكاف ، فيصدق حد القياس عليه وينعكس .

            الثالث : أن المقصود قياس الصوم بالنذر على الصلاة بالنذر ، بأن يقال : على تقدير أن لا يشترط الصوم في الاعتكاف - [ ص: 10 ] لم يصر شرطا فيه بالنذر - كالصلاة فإنها لما لم تكن شرطا في الاعتكاف ، لم تصر شرطا فيه بالنذر .

            فالصلاة أصل ، والصوم فرع ، والحكم عدم الصيرورة شرطا بالنذر ، والعلة كونهما عبادتين .

            فيصدق حد القياس عليه وينعكس .




            الخدمات العلمية