الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
308 - وروى قتيبة بن مهران ، عن ليث بن سعد ، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة ، أن قريشا اجتمعوا ليقتلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وليبلغوا منه بعض ما يكره ، فقال لهم عتبة بن ربيعة : لا تعجلوا على ابن أخيكم حتى أذهب ، فأكلمه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ يصلي عند البيت العتيق ، فأتاه ، فجلس إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قضى صلاته ، فقال : يا ابن أخي ، إنه قد عظم على قومك ما جئتهم به ، وقالوا : إنما أراد الشرف ، والمال ، فإن كنت أردت ذلك ، فانزع عما جئت به ، ولك الله علي أن أجمع لك من المال ما تكون به أكثر قريش مالا ، وأن يشرفك قومك حتى تكون أعظمهم ، وقد قالوا : إن بك جنونا ، فإن كنت اعترفت ، فأعلمني ، فلا أترك طبيبا إلا طلبته لك حتى يشفيك ، فأطعني وانزع عما أنت تذكر ، فلما فرغ عتبة من كلامه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بسم الله الرحمن الرحيم ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم ) إلى قوله : ( فإنا بما أرسلتم به كافرون ) ، فرجع عتبة إلى كبراء قريش ، فقال : لقد سمعت قولا مغدق الأعلى ، مثمر الفرع ، حديث العهد بالعرش ، وإني سمعت السحر ، والشعر ، والكهان ، فما هو شيء من ذلك ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يأتي جماعتهم ، فأتاهم ، وفي يده قبضة من تراب ، فقرأ : ( يس والقرآن الحكيم ) إلى قوله : ( فبشره بمغفرة وأجر كريم ) ، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع على رأس كل إنسان منهم من ذلك التراب شيئا ، وقد أمسك الله عنه أيديهم ، وألسنتهم ، ثم انصرف سالما ، والحمد لله ، فقال لهم عتبة : قد كنتم تنفلتون عليه ، فقد أتاكم ، فلم تصنعوا شيئا ، فقالوا : لكأن عقولنا قد ذهبت ، فقال : لينظر كل امرئ منكم أي شيء وضع على رأسه ، فإذا على رأس كل امرئ من التراب ، فلم يبق من أولئك الذين وضع على رؤوسهم التراب إلا قتل يوم بدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية