الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فصل :

226 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي عمرو ، قال : وجدت في كتاب جدي أبي عبد الله ، قال : أنا عمر بن محمد بن سليمان ، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام ، ثنا أبي ، ثنا سليمان بن الحكم بن عوانة ح ، قال أبو عبد الله : وأنا الحسين بن إسماعيل إجازة ، ثنا عبد الله بن عبد الله المدني ، ثنا محمد بن مسلمة بن هشام المخزومي جميعا ، عن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن مروان بن الحكم ، عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - ، عن أبيه - رضي الله عنه - ، قال : خرجت أنا وأمية بن الصلت تاجرين إلى الشام ، فمررنا بقرية من قرى الشام فيها نصارى ، فلما رأوا أمية بن أبي الصلت أعظموه ، وأكرموه ، وأرادوه على أن ينطلق معهم ، فقال أمية : يا أبا سفيان ، انطلق معي ، فإنك تمضي إلى رجل قد انتهى إليه علم النصرانية ، فقلت : ليس أنطلق معك ، قال : ولم ؟ قلت : إني أخاف أن يحدثني ، فيفسد علي قلبي ، فذهب معهم ، ثم عاد ، فرمى بثوبه ، ولبس ثوبين له أسودين وانطلق ، فوالله ما جاء حتى ذهب هدة من الليل ، فجاء ، فدخل فراشه ، فما نام حتى أصبح ، فقال : ألا ترحل بنا ؟ قلت : وفيك من رحيل ؟ قال : نعم ، فقال : أي صخر ، قلت : أبا عثمان ، قال : أي أهل مكة أشرف ؟ قلت : عتبة بن ربيعة ، فقال : أي أهل مكة أكثر مالا ، وأكبر سنا ؟ فقلت : عتبة بن ربيعة ، فقال : تكتم علي ما أحدثك به ؟ قلت : نعم ، قال : حدثني هذا الرجل الذي [ ص: 177 ] انتهى إليه علم أهل الكتاب أن نبيا مبعوث ، وظننت أني أنا هو ، فقال : ليس منكم ، هو من أهل مكة ، قلت : ما سنه ؟ قال : هو حين دخل في الكهولة ، قلت : ما ماله ؟ قال : هو محوج ، قلت : فما نسبته ؟ قال : هو وسط من قومه ، فالذي رأيت مني من الهم بما صرف عني ، قال : وقال لي : وذلك أن الشام قد رجفت بعد عيسى ابن مريم - عليه السلام - ثمانين رجفة ، وبقيت رجفة يدخل على أهل الشام فيها شر ، ومصيبة ، فلما صرنا قريبا من مكة إذا راكب قلنا : من أين ؟ قال : من الشام ، قلنا : هل من حدث ؟ قال : نعم ، رجفت الشام رجفة دخل على أهل الشام فيها شر ، ومصيبة ، قال : ثم خرجت في رحلة اليمن ، ثم قدمت ، فاستأذنت على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فرحب بي ، وسألني ، ولم يسألني عن بضاعته ، فلما خرج ، قلت لهند : يا هند ، إن هذا الشاب ليزداد عندي ، دخل علي ، فرحب بي ، وسألني ، ولم يسألني عن بضاعته كما سألني غيره من قومه ، قالت : وما بلغك ما كان قلت ، وما كان ؟ قالت : إنه قد تنبأ ، قلت : هو أعقل من ذاك ، قالت : قد كان ذاك ، وجمع إليه ناسا من قومه ، فوجمت ، وذكرت الذي قال الرجل ، فقالت هند : ما لك ؟ قلت : خير ، فخرجت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ، فقلت : خذ بضاعتك ، فقال : خذ مني ما تأخذ من غيري ، قال : قلت : ما أنا بآخذ منك شيئا ، قال : ما أنا بآخذها حتى تأخذ مني ما تأخذ من غيري ، قال : فلم يأخذها حتى أخذت منه كما أخذت من غيره ، ثم خرجت إلى اليمن ، فنزلت على أمية بن أبي الصلت ، فوالله إني لأتغدى معه إذ قلت له : أبا عثمان ، إن كان أمر من الرجل الذي قال لك الذي انتهى إليه علم أهل الكتاب ، فما رأيك ؟ قال : رأيي والله أن أبلي فيه إلى الله - عز وجل - عذرا ، قال : فقدمت اليمن واستنار أمره ، فلما رجعت نزلت على أمية بن أبي الصلت ، فقلت : أبا عثمان ، إن ذلك لأمر قد استنار ، وظهر ، فما رأيك ؟ قال : والله لا أؤمن لنبي غير ثقفي أبدا ، ودخله الحسد ، دخله ما دخل الناس .

التالي السابق


الخدمات العلمية